يطفئ (١) فيقولون : (رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢) (وَإِذا قامُوا) يعني [تهيّأوا] (إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى) يعني متثاقلين ، يعني لا يريدون بها [وجه] الله فإن رآهم أحد صلّوا وإلّا انصرفوا ولم يصلّوا (يُراؤُنَ النَّاسَ) يعني المؤمنين بالصلاة (وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) ابن عباس والحسن : إنما قال ذلك لأنهم يصلونها رياء وسمعة ولو كانوا يريدون بذلك وجه الله عزوجل لكان ذلك كثيرا.
قتادة : إنما قلّ ذكر المنافقين لأن الله عزوجل لم يقبله وكما ذكر الله قليل وكلما قبل الله كثير (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ) أي مترددين متحيرين بين الكفر والإيمان (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) ليسوا من المؤمنين فيجب لهم ما يجب للمسلمين ، فليسوا من الكفار فيؤخذ منهم ما يؤخذ من الكفار فلا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء.
[القاسم بن طهمان] عن قتادة : ما هم بمؤمنين مخلصين ولا بمشركين مصرحين بالشرك (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) أي طريقا إلى الهدى.
وذكر لنا ان نبي الله صلىاللهعليهوسلم كان يضرب مثلا للمؤمن والمنافق والكافر كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر فوقع المؤمن فقطع ثم وقع المنافق حتى إذا كاد يصل إلى المؤمن ناداه الكافر أن هلمّ إليّ فإني أخشى عليك وناداه المؤمن هلمّ إلي فأن عندي الهدى وكفى له ما عنده ، فما زال المنافق يتردد منهما حتّى أتى على أذى فعرفه فإن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك.
وروى عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّما مثل المنافق مثل الشاة العائرة من الغنمين يبدي إلى هذه مرة وإلى هذه مرة لا يدري أيهما يتبع» (٣) [٣٩٢].
ثم ذكر المؤمنين ونهاهم عن الإتيان بما أتى المنافقون.
فقال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً) ثم ذكر منازل المنافقين فقال : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) يعني في أسفل برج من النار ، والدرك والدرك لغتان مثل الطعن والطعن والنهر والنهر واليبس واليبس.
قال عبد الله بن مسعود : (الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) توابيت مقفلة في النار تطبق عليهم (وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) [عونا].
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير : ١ / ٥٩.
(٢) سورة التحريم : ٨.
(٣) تفسير مجمع البيان : ٣ / ٢٢٢ بتفاوت.