قَتَلُوهُ يَقِيناً) يعني ما قتلوه ظنهم يقينا (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) أي قويا بالنقمة من اليهود فسلط عليه طغرى بن اطسيانوس (١) الرومي فقتل منهم مقتلة عظيمة (حَكِيماً) حكم عليهم [باللعنة والغضب].
(وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) قال الأستاذ الإمام : معناه وما من أهل الكتاب إلّا ليؤمنن به وتلا قوله تعالى (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) أي (وَما مِنَّا) أحد إلّا (لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ).
وقوله (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) (٢) المعنى : وما منكم أحد إلّا واردها. قال الشاعر :
لو قلت ما في قومها لم تيثم (٣) |
|
يفضلها في حسب ومبسم (٤) |
المعنى : ما في قومها أحد يفضلها ، ثمّ حذف.
عن قتادة والربيع بن انس وابو مالك وابن زيد : هما راجعتان إلى عيسى ، المعنى فإن من أهل الكتاب إلّا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى وينزل من السماء في آخر الزمان فلا يبقى أحد من أهل الكتاب إلّا آمن به حتى تكون الملة واحدة ملة الإسلام ، وهو رواية سعيد بن جبير وعطية عن ابن عباس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ، وروى قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الأنبياء إخوة لعلّات أمهاتهم شتّى ودينهم واحد وإني أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي ، ويوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فإذا رأيتموه وهو رجل مربوع فلق إلى الحمرة والبياض سبط الشعر كان رأسه يقطره وان لم يصبه بلل بين ممصّرتين ، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال ويقاتل الناس على الإسلام حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام وتكون السجدة واحدة لله تعالى ويهلك الله في زمانه الرجل الكذاب الدجال يقع الأمنة في الأرض في زمانه حتى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمور مع البقرة ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان مع بعضهم بعضا ثم يلبث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه واقرأوا إن شئتم (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) عيسى بن مريم» (٥)
[٣٩٤] رددها أبو هريرة ثلاث مرات.
__________________
(١) في تفسير القرطبي : (٦ / ١٠) بطرس بن أستيسانوس الرومي ، وبالهامش عن نسخة : نطوس بن استينانوس.
(٢) سورة مريم : ٧١.
(٣) بكسر التاء ، لغة بعض العرب ، فلمّا كسروا التاء قلبت الهمزة ياء.
(٤) البيت في تفسير القرطبي : ٥ / ٢٤٣ ، ومعاني القرآن للنحاس : ١٠١.
(٥) مسند أحمد : ٢ / ٤٠٦ وصحيح ابن حبّان : ١٥ / ٢٣٣ بتفاوت في الكل ، وجامع البيان للطبري : ٦ / ٣٠.