قال الكلبي : فقلت : يا شهر ما الذي أردت أن تقول : حدثني محمد بن الحنفية وهو يكرهه ويكره ما جاء من قبلهم ، قال : أردت أن أغيظه.
وقال بعضهم : الهاء في (بِهِ) راجعة إلى محمد صلىاللهعليهوسلم وفي (مَوْتِهِ) راجعة إلى الكتابي.
وهو رواية حماد بن حميد عن عكرمة قال : لا يموت اليهودي ولا النصراني حتى يؤمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وقيل الهاء في (بِهِ) راجعة إلى الله تعالى ، (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ) قبل أن يموت عند المعاينة ولا ينفعه إيمانه في وقت البأس (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ) عيسى (عَلَيْهِمْ شَهِيداً) بأنّه قد بلّغهم رسالة من ربه وأقرّ له بالعبودية على نفسه ، نظير قوله (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ) وهو نبي شاهد على أمّته ، قال الله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) الآية ، وقال تعالى (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً).
(فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦١) لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (١٦٢) إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (١٦٣) وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً (١٦٤) رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٦٥) لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (١٦٦))
(فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا) وهو ما تقدّم ذكره من نقضهم الميثاق وكفرهم بالآيات وبهتانهم على مريم وقولهم : إنا قتلنا المسيح.
ونظم الآية (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا ... وَبِصَدِّهِمْ) أي صرفهم أنفسهم وغيرهم (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) عن دين الله صدا كبيرا (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) مثل الاكل التي كانوا يصيبونها من عوامهم ، وما كانوا يأخذونها في ايمان كتبهم التي كتبوها ، وقالوا هذه من عند الله ، وما كانوا يأخذون من الرشاء في الحكم ، كقوله تعالى (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) (١) عاقبناهم بأن حرّمنا عليهم الطيبات وكانوا كلما ارتكبوا كبيرة حرم عليهم شيئا من الطيبات التي
__________________
(١) سورة المائدة : ٦٣.