لذلك ، وفي سائر أخواتها مخففة ؛ لأنّ المحذوف حرف واحد ثم نصب لحق التضعيف.
وأنكر الآخرون هذه القول وقالوا : سمعنا العرب يدخل الميم فيه مع ياء النداء وأنشد الفرّاء :
وما عليك أن تقولي كلما |
|
سبّحت أو هللت يا اللهمّ ما |
اردد علينا شيخنا مسلما |
|
فإنّنا من خيره لن نعدما (١) |
قالوا : ونرى أنّما أصله الله في الدعاء. بمعنى (يا الله) ضم إليها أمّ وحذف حرف النداء.
يراد يا الله آتنا الخير أي : أقصدنا به ثمّ ضرب في الكلام حتى اختلطت به. فحذفت الهمزة استخفافا كقولهم : هلمّ إلينا كان أصله هل لم إلينا ، أي أقصد أو أسرع. ثم كثرت هذه اللفظة حتى قالوا : لاهم بمعنى اللهم ، وربما خفضوا ميمها أيضا ، والله أعلم.
وقال أبو رجاء العطاردي : هذه الميم في قوله : (اللهم) : تجمع سبعين اسما من أسمائه عزوجل مالك الملك. قال الله تعالى في بعض الكتب : أنا الله مالك الملوك ومالك الملك ، قلوب الملوك ونواصيها بيدي ، فإذا العباد أطاعوني جعلت عليهم رحمة ، وإذا العباد عصوني جعلت عليهم عقوبة ، فلا تشتغلوا بسبّ الملوك ، ولكن توبوا إليّ أعطفهم عليكم.
(تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) ، قال مجاهد وسعيد بن جبير : يعني ملك النبوة ، الكلبي : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) : محمد وأصحابه ، (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) : أبي جهل وصناديد قريش.
وقال معتصم : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) : العرب. (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) : الروم والعجم وسائر الأمم.
السدّي : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) : آتى الله الأنبياء وأمر العباد بطاعتهم. (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) : نزع من الجبّارين وأمر العباد بخلافهم.
وقيل : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) : آدم وولده ، (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) إبليس وجنده.
وقيل : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) : داود. (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) : جالوت.
وقيل : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) : صخرا. (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) : سليمان عليهالسلام كان يطعم الخبز الجواري ويأكل خبز الشعير ، وكان يلبس المرقعة ولم ينظر أربعين سنة إلى السماء تخشّيا لله.
وكان يدخل المسجد فيرتاد فقيرا يقعد بجنبه ، ويقول : مسكين جالس مسكينا (وَتَنْزِعُ
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٤ / ٥٣.