روى محمد بن إسحاق عن محمّد بن جعفر عن الزبير : قال : نزلت في نصارى أهل نجران وذلك أنّهم قالوا : إنّا نعظم المسيح ونعبده حبّا لله سبحانه وتعظيما له ، فقال الله : (قُلْ) يا محمّد : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ) وكان عظيم قولكم في عيسى حبّا لله سبحانه وتعالى وتعظيما له (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) ، أي : اتّبعوا شريعتي وسنتي يحببكم الله ، وحب المؤمنين لله إتباعهم أمره وقصدهم طاعته ورضاه ، وحبّه عزوجل للمؤمنين [منّة] عليهم وثوابه لهم وعفوه عنهم وذلك قوله : (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
قال الثعلبي : أنشدنا أبو القاسم الحبيبي قال : أنشدنا أبو أحمد محمد بن ابراهيم الصريمي قال : أنشدنا علي بن محمد قال : أنشدني الحسن بن إبراهيم البجلي لعبد الله بن المبارك :
تعصي الإله وأنت تظهر حبّه |
|
هذا لعمري في الفعال قبيح |
لو كان حبّك صادقا لأطعته |
|
إنّ المحب لمن يحبّ مطيع (١) |
عروه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الشرك أخفّ من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء ، وأدناه أن تحبّ على شيء من الجور أو تبغض على شيء من العدل وهل الدين إلّا الحبّ في الله والبغض في الله قال الله : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) (٢) [٤٣].
فلما نزلت هذه الآية قال عبد الله بن أبي [لأصحابه : إنّ محمّدا يجعل طاعته كطاعة الله ويأمرنا أن نحبّه] كما أحبت النصارى عيسى ابن مريم (٣) ، فنزل : (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا) : أعرضوا عن طاعتهما. (فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) : لا يرضى فعلهم ولا شيء لهم ولا يغفر لهم.
وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أطاعني (فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) ومن أطاع الإمام فقد أطاعني ، ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى الإمام فقد عصاني» [٤٤] (٤).
(إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى
__________________
(١) تهذيب الكمال : ٦ / ٣٦٠ ، وتاريخ دمشق : ٣٢ / ٤٦٩.
(٢) الجامع الصغير للسيوطي : ٢ / ٨٥ ، ح ٤٩٣٥.
(٣) زاد المسير لابن الجوزي : ١ / ٣١٩.
(٤) المصنّف للكوفي : ٧ / ٥٦٦.