بطنك أنثى [والأنثى عورة] لا تصلح لذلك فوقعا جميعا في همّ من ذلك ، فهلك عمران وحنّة حامل بمريم.
(فَلَمَّا وَضَعَتْها) : أي ولدتها وإذا هي جارية ، فالهاء في قوله : (وَضَعَتْها) راجعة إلى النذيرة أي مريم من حنّة ، لذلك أنّث.
(قالَتْ) : عذرا وكانت ترجوا أن تكون غلاما ولذلك حررت.
(رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) : اعتذار إلى الله عزوجل.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ) : [ما ظنّت] (١) عن السدي ، وقرأ [العامّة بتسكين التاء] وقرأ علي وأبو ميثم النجفي وابن عامر وأبو بكر ويعقوب : وُضَعَتْ بضمّ التاء جعلوها من كلام أمّ مريم (٢).
(وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى) : في خدمة الكنيسة والعبّاد الذين فيها ؛ لعورتها وضعفها وما يعتريها من الحيض والنفاس والأذى.
(وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ) : وهي بلغتهم : [الخادمة والعبادة ، وكانت أجمل النساء في وقتها وأفضلها] (٣).
روى أبو زرعة عن أبي هريرة إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «حسبك من نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد» [٤٦] (٤).
(وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ) : آمنها وأجيرها بك. (وَذُرِّيَّتَها) : وأولادها.
(مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) : الطريد اللعين المرمي بالشهب.
ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من مولود إلّا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إيّاه إلّا مريم وابنها» [٤٧] ثم يقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (٥).
سعيد عن قتادة قال : «كل أدمي طعن الشيطان في جنبه حين يولد غير عيسى ابن مريم وأمه جعل بينهما حجاب فأصاب الطعن الحجاب ولم ينفذ إليها منه شيء» [٤٨].
__________________
(١) راجع زاد المسير : ١ / ٣٢٢.
(٢) راجع مجمع البيان : ٢ / ٢٨٠ ، وفتح القدير : ١ / ٣٣٤ ، وفيه زيادة : وقرأ ابن عباس بكسر التاء.
(٣) قصص الأنبياء للثعلبي : ٣٧١. ٣٧٤.
(٤) تفسير الطبري : ٣ / ٣٢٦ ، وتفسير الدرّ المنثور : ٢ / ١٩ ، مورد الآية.
(٥) مسند أحمد : ٢ / ٢٧٥ ، وأخرجاه في الصحيحين.