فقال عليهالسلام : «من أين لك هذا يا بنيّة؟» قالت : (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) ، فحمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : «الحمد لله الذي جعلك شبيهة بسيّدة نساء بني إسرائيل ، فإنّها كانت يرزقها الله رزقا حسنا فسئلت عنه (قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ)] (١).
فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى علي رضياللهعنه ، ثم أكل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين وجميع أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم وأهل بيته جميعا حتى شبعوا.
قالت فاطمة : وبقيت الجفنة كما هي فأوسعت منها على جميع جيراني فجعل الله فيها بركة وخيرا [٤٩] (٢).
قال أهل التفسير : فلما رأى زكريا ذلك قال : إن الذي قدر على أن يأتي مريم بالفاكهة في غير حينها من غير سبب ولا فعل أحد لقادر على أن يصلح زوجتي ويهب لي غلاما على الكبر ، فطمع في الولد وذلك إن أهل بيته كانوا قد انقرضوا ، وكان زكريا قد شاخ وأيس من الولد.
قال الله تعالى : (هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ) : أي فعند ذلك. و «هنا» إشارة إلى الغاية كما أن «هذه» إشارة إلى الحاضر.
والكاف : اسم المخاطب وكسرت اللام لالتقاء الساكنين.
قال المفضل بن سلمة : أكثر ما يقال هنالك في الزمان وهناك في المكان وقد جعل هذا مكان هذا.
(دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ) : فدخل المحراب وغلق الأبواب وناجى ربه. (قالَ رَبِ) : أي يا رب فحذف حرف النداء من أوله والياء من آخره ، استغني بكسر الباء عن الياء. (هَبْ لِي) : أعطني ، (مِنْ لَدُنْكَ) : من عندك. وفي لدن أربع لغات (٣) : لدن بفتح اللام وضم الدال وجزم النون وهو أفصحها ، ولد بفتح اللام وضم الدال وحذف النون ، ولدن بفتح اللام وسكون الدال وفتح النون ، ولدن بضم اللام وجزم الدال وفتح النون.
قال الفرّاء : وهي يخصّص بها على الإضافة ، وترفع على مذهب مذ (٤) ، وأنشد قول أبي سفيان بن حرب على الوجهين :
__________________
(١) في المخطوط سقط وكلام مطموس استدركناه عن المصنّف في قصص الأنبياء : ٣٧٤. ٣٧٣ باب في ذكر مولد مريم عليهاالسلام
(٢) بطوله في قصص الأنبياء للثعلبي : ٣٧٣. ٣٧٤ ، وتفسير ابن كثير مسندا : ١ / ٣٦٨ ، والدرّ المنثور : ٢ / ٢٠ ، وسبل الهدى والرشاد : للشامي : ٩ / ٤٨٣ ، و ١١ / ٤٧. والبداية والنهاية لابن كثير : ٦ / ١٢٢.
(٣) راجع لسان العرب : ١٣ / ٣٨٥.
(٤) راجع تاج العروس : ٩ / ٣٣٢. ٣٣٣.