محمد بن علي الترمذي : المتوكل على الله.
أبو زيد البسطامي : هو الذي قد عظمت همته ونبل قدره ، لم يحدث نفسه بدار الدنيا ، وقيل : هو السخي.
روى ابن الزبير عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من سيدكم يا بني سلمة؟ قالوا : جد بن قيس غير أنّه بخيل جبان. قال : وأيّ داء أدوى من البخل ، بل سيدكم عمرو بن جموح (١).
روى عبد الله بن عباس : إنه كان قاعدا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجاءه بضعة عشر رجلا عليهم ثياب السفر ، فسلموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعلى القوم ، ثم قالوا : من السيد منكم؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ذلك يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، فعرفوا أنه رسول الله ، فقالوا : فما في أمتك سيد ، قال : بلى رجل أعطى مالا حلالا ورزق سماحة ، وأدنى الفقراء وقلت شكايته (٢).
وروى أن أسد بن عبد الله قال لرجل من بني شيبان : بلغني أن السودد فيكم رخيص. فقال : أما نحن فلا نسود إلّا من يعطينا رحله ، ويفرش لنا عرضه ، ويعطينا ماله. فقال : والله إن السودد فيكم لغال.
(وَحَصُوراً) : أصله من الحصر وهو الحبس ، يقال : حصرت الرجل عن حاجته إذا حبسته ، وحصرت من كذا أحصر إذا امتنع منه ، وحصر فلان في قرأته إذا امتنع من القراءة فلم يقدر عليها ، ومنه إحصار العدو. قال الله تعالى : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) (٣) : أي محبسا. ويقال للرجل الذي يكتم السر ويحبسه ولا يظره حصر.
قال جرير :
ولقد تسقطني الوشاة فصادفوا |
|
حصرا بسرك يا أميم ضنينا (٤) |
فالحصور في قول ابن مسعود وابن عباس وابن جبير وقتادة وعطاء وأبي الشعثاء والحسن والسدي وابن زيد : الذي لا يأتي النساء ولا يقربهنّ ، فهو على هذا القول : مفعول بمعنى فاعل يعني : أنه يحصر نفسه عن الشهوات.
وقال سعيد بن المسيب والضحّاك : هو العنّين الذي لا ماء له ، ودليل هذا التأويل ما روى أبو صالح عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «كل ابن آدم يلقى الله بذنب قد أذنبه يعذبه عليه إن شاء أو يرحمه إلّا يحيى بن زكريا فإنه كان (سَيِّداً وَحَصُوراً)» [٥٢].
__________________
(١) أحكام القرآن : ٢ / ١٥ بتفاوت.
(٢) الدرّ المنثور : ٦ / ١٩٧.
(٣) سورة الإسراء : ٨.
(٤) الصحاح : ٢ / ٦٣١.