قال الكسائي : وإنمّا فتح لأنّه أوقع الرسالة عليه وقيل : بأنّي أو لأنّي.
(قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ) : والآية (مِنْ رَبِّكُمْ) : يصدّق قولي ويحقق رسالتي.
قال الخليل والفرّاء : أصلها بآيّة بتشديد الياء فثقل عليهم التشديد فأبدلوا لانفتاح ما قبل التشديد وتقديرها فعله.
وقال الكسائي : هي في الأصل أبيه مثل فاطمة فحذفت أحدى الياءين فلمّا قال ذلك عيسى لبني إسرائيل. قالوا : وما هي؟ قال : إنّي ، قول نافع بكسر الألف على الاستئناف وإضمار القول.
وقرأ الباقون بالفتح على معنى بأنّي.
(أَخْلُقُ) : أي أصور وأقدّر.
(لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) : قرأ الزهري وأبو جعفر : كهيّة بتشديد الياء. والآخرون بالهمزة. والهيئة الصورة المهيّأة ، وهي من قولهم هيأت الشيء إذا قصرته وأصلحته. وقرأ أبو جعفر (الطائر) بالألف ، والباقون بغير ألف.
(فَأَنْفُخُ فِيهِ) : أي في الطين.
(فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ) : قرأه العامة على الجمع لأنّه خلق طيرا كثيرا.
وقرأ أهل المدينة : (طائرا) على الواحد ذهبوا إلى نوع واحد من الطير ، لأنه لم يخلق غير الخفّاش ، وإنمّا خصّ الخفّاش لأنه أكمل الطير خلقا ، ليكون أبلغ في القدرة لأن لها ثديا وأسنانا وهي تحيض وتطير.
وقال وهب : كان يطير ما دام النّاس ينظرون إليه ، فإذا غاب عن أعينهم سقط ميّتا ليتميّز فعل الخلق من خلق الله ، وليعلموا أنّ الكمال لله تعالى.
(وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ) : أي أشفيهما وأصححهما فقال : أبرأ الله المريض من أبرأ ـ وبرىء ـ هو يبرأ ـ وبريء ـ مبرأ ـ برأوا فيهما جميعا. واختلفوا في الأكمه :
فقال عكرمة والأعمش ، ومجاهد والضحّاك : [هو الذي] يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل.
ابن عباس وقتادة : هو الذي ولد أعمى ولم يبصر ضوء قط ، الحسن والسّدي : هو [الأعمى ، وحكى الزجاج عن الخليل أن الأكمه هو الذي يولد أعمى وهو الذي يعمى وان كان بصيرا] (١) هو المعروف من كلام العرب يقال : كمهت عينه تكمه كمها وكمهتها أنا إذا أعميتها.
__________________
(١) زيادة عن زاد المسير : ١ / ٣٣٤.