وممّا ذكرنا ظهر أنّ هذا الخبر وما وافقه ـ ممّا ظهر منه بلوغ الذكر بأنقص من خمس عشرة سنة بحسب السنّ ـ ليس بحجّة ولا اعتداد به ، بل تحمل على التقيّة ، أو على توهّم الراوي ، أو على أنّ المراد شدّة تأكّد التكليفات ، أو أنّه من باب الاحتياط في الدين ، لأنّه إذا بلغ هذا السنّ بلغ وقتا يمكن أن يحتلم فيه ، أو يشعر ، أو ينبت فربّما لا يتفطّن بالاحتلام ، لسبب كثرة رطوبات دماغه ، وعدم وقوفه واطّلاعه ومعرفته بالاحتلام ، كما نشاهد بعض الأطفال ما يعرفون الاحتلام كيف هو ، إلى مدّة مديدة؟ وكذا ربّما لا يتفطّنون لخشونة شعر عانتهم الحادثة.
أو أنّه يجري عليه الحدود بحسب مقدار سنّه ، لا تامّة ، كما يشير إليه لفظ التامّة فيما هو مستند الفقهاء ، والخلو عن هذه اللفظة في غيره ، مع التصريح بأنّه يجري عليه الحدود بحسب مقدار سنّه قبل البلوغ ، كما في مستند الفقهاء.
على أنّ الحديث ما لم يكن صحيحا أو منجبرا بما يجبر ضعفه ، لم يكن حجّة أصلا ، فكيف يعارض به أدلّة الفقهاء؟!
فإن قلت : هذا الخبر موثّق ، وفي الصحيح عن الوشّاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليهالسلام قال : «إذا بلغ أشدّه ثلاث عشرة سنة ، ودخل في الأربع عشرة وجب عليه ما وجب على المحتلمين ، احتلم أو لم يحتلم ، وكتبت عليه السيّئات [وكتبت له بالحسنات] وجاز له كلّ شيء إلّا أن يكون سفيها أو ضعيفا» (١).
ورواه الصدوق رحمهالله في الموثّق عنه ، عن الصادق عليهالسلام هكذا : «إذا بلغ الغلام ثلاث عشرة سنة كتب له الحسنة وكتب له السيّئة وعوقب ، وإذا بلغت الجارية
__________________
(١) الكافي : ٧ / ٦٩ الحديث ٧ ، من لا يحضره الفقيه : ٤ / ١٦٤ الحديث ٥٧١ ، الخصال : ٢ / ٤٩٥ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ٩ / ١٨٣ الحديث ٧٣٩ ، وسائل الشيعة : ١٩ / ٣٦٤ الحديث ٢٤٧٧١.