وأمّا مخالفة الاعتبار فقد أشرنا إلى فسادها ، وأنّه لا مخالفة بعد القول بأنّ ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض ، والمراد بعد العجز عن استعلام الحال بالأمارات ، والمحقّق ادّعى على ذلك الإجماع (١).
وهذه الرواية أيضا تدلّ على ذلك ، مضافا إلى الصحيحتين السابقتين ، وغيرهما من الأخبار ، وغيرها ممّا ستعرف ، مع أنّ خلقة النساء وأرحامهنّ ربّما يكون لو استلقين على أظهرهنّ ورفعن أرجلهنّ يقع الرحم على الجانب الأيسر ، بحيث لو كانت قرحة لخرج دمها من الجانب الآخر ، فتأمّل!
ثمّ اعلم! أنّ الظاهر من بعض الفقهاء (٢) ، والصريح من غيره (٣) أنّ اعتبار الجانب ليس مثل الصفات ، لأنّها معتبرة حال الاشتباه والإشكال خاصّة كما عرفت ، واعتبار الجانب مطلقا ، واستقربه في «المدارك» بأنّ الجانب إن كان له مدخل في الحيض وجب اطّراده ، وإلّا فلا (٤).
وفيه ؛ أنّه ربّما كان الغالب خروجه من الجانب لا مطلقا كما هو الحال في الصفات ، وما دلّ عليها أكثر وأظهر وأشهر في كون الحيض كذلك مطلقا ، ومع ذلك ظهر أنّ المراد الغلبة وأنّها تكفي ، إلّا أن يقال هنا : لم يظهر خلاف الظاهر.
ويمكن أن يقال : مدار المسلمين ، بل وغيرهم أيضا في الأعصار والأمصار على عدم الاقتصار في الجانب ، وكذا المسلمات والكافرات ، وعدم الامتحان في كلّ حيض حيض حين بنائهم على أنّه إن خرج من الجانب فهو ، وإلّا فلا ، إذ من البديهيّات أنّه لم يكن أمرهم وأمرهنّ على الاقتصار والامتحان ، والقطع حاصل
__________________
(١) المعتبر : ١ / ٢٠٣.
(٢) شرائع الإسلام : ١ / ٢٩.
(٣) جامع المقاصد : ١ / ٢٨٤ ، لاحظ! جواهر الكلام : ٣ / ١٤٦.
(٤) مدارك الأحكام : ١ / ٣١٨.