القمّيين روايات من روى عن يونس سوى محمّد بن عيسى ، وهو ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، فمرسلته قويّة ، لكن في بلوغ ذلك مرتبة الحجّية تأمّل ، سيّما مع ندرة القائل ، إذ الشيخ رجع في «الجمل» (١) عمّا قال في «النهاية» (٢) ، ووافق المشهور ، وهذا ممّا يضعّفها كما لا يخفى ، لأنّه أبصر بها من ابن البرّاج.
وأيضا تتضمّن أنّ ذات العادة إذا جاز دمها عن العشرة تكون ما زاد عن أيّام عادتها إلى تمام العشرة حيضا ، وما بعده استحاضة ، وهو خلاف فتواهم ، كما سيجيء إن شاء الله تعالى.
والجواب عن الحسنة ؛ أنّه يجوز أن يكون المراد بعد تحقّق الحيضة الاولى كلّما تراه تكون حيضا ، لا أنّ كلّما تراه يكون حيضا وتكون الحيضة الاولى ، بل ظاهر الرواية هو الأوّل ، فتأمّل جدّا!
هذا ؛ والمقام لعلّه لم يصف عن الإشكال بالمرّة ، وإن كان المشهور أقوى والاحتياط أولى.
واعلم! أنّه اختلف الأصحاب في المراد من التوالي ، فقيل بالاكتفاء برؤية الدم في كلّ يوم من الأيّام وقتا ما ، وهو الأظهر وعليه الأكثر (٣) ، لكن بشرط أن يكون رؤية معتدّا بها بحيث يقال عرفا : حيضها ثلاثة أيّام متواليات.
وقيل باتّصال الدم في مجموع الثلاثة (٤) ، وقيل باعتبار حصوله في أوّل الأوّل وآخر الآخر ، وفي أيّ جزء كان من الوسط (٥) ، وهما بعيدان.
__________________
(١) الرسائل العشر (الجمل والعقود) : ١٦٣.
(٢) النهاية للشيخ الطوسي : ٢٦.
(٣) مدارك الأحكام : ١ / ٣٢٢.
(٤) جامع المقاصد : ١ / ٢٨٧ ، مدارك الأحكام : ١ / ٣٢٢.
(٥) لاحظ! مدارك الأحكام : ١ / ٣٢٢ ، للتوسّع لاحظ! جواهر الكلام : ٣ / ١٥٧.