وأيضا حجيّته دائرة مع بقائه ، فلو شكّ حرم عليه وعلى مقلّده أيضا ، وكذا لو ظنّ خلافه.
هذا ؛ مع أنّ الأصل عدم حجيّة ظنّ كلّ شخص ، لا أنّ الأصل حجيّة ظنّ كلّ شخص في الحكم الشرعي.
فإن قلت : لعلّ مراده خلاف ظاهر عبارته ، وهو أنّ ما دلّ على جواز التقليد يشمل قوله أيضا ، فلم فرّقوا؟
قلت : فيه ـ مع ما عرفت ـ أنّ مستند المقلّد في تقليده ليس نفس التقليد لأنّه دور محال ، وهو يعلم بالبديهة أنّ حكم الشارع حقّ ومن الشارع ، وأنّ فتوى الفقيه ؛ فتوى من يجوز عليه الخطأ ، ويرى أنّ الفقهاء في غاية الاختلاف في أكثر الأحكام ـ كما اعترف المصنّف ـ فكون فتوى واحد منهم محسوبا مكان حكم الشارع لا بدّ من ثبوته من دليل آخر ، وهو : أنّه يرى أنّ مدار غير الفقيه من المسلمين ـ في الأعصار والأمصار ـ على الرجوع إلى الفقيه ، وحصل له بالتظافر والتسامع ما حصل له بالنسبة إلى ضروريّات الدين ، مثل نجاسة روث غير مأكول اللحم ، وانفعال الماء المضاف ، وغير ذلك ، وهذا المعنى كيف يحصل له في تقليد الميّت ، مع أنّه سمع من العلماء أنّ الشيعة لا يجوّزونه ، بل نقلوا عنهم أنّ تحريمه من ضروريّات دينهم ، وأنّ العامّة يجوّزون ذلك من جهة قولهم بالقياس ، يقيسون الميّت بالحيّ لظنّ (١) عدم التفاوت ، واستبعاد الفرق مع اشتراكهم في العلّة المستنبطة ، وهي كون فتواهم حقّا بحسب الظنّ.
وبالجملة ؛ من يطّلع على فتوى ميّت ويفهمه يسمع ـ البتّة ـ ما نسب إلى الشيعة ، لأنّه اشتهر اشتهار الشمس.
__________________
(١) في (ط) و (ز ٢) و (د ١) : بظنّ.