من جهة صدورها والمعروفيّة عندهم يمكن أن يكون التمسّك بها لأجل تقليل المخالفة للحقّ مهما أمكن ، مع اندفاع الضرر بالمشهوريّة عندهم وتلقّيهم بالقبول.
وأمّا الأخبار السابقة ؛ ففي غاية الكثرة والصحّة ، وغير الصحيحة منها في غاية الاعتبار مع نهاية بعدها عن مذهب العامّة ، بحيث يحصل القطع بأنّه لا تقيّة فيها.
مضافا إلى أنّ النفاس هو الحيض المحتبس لغذاء الولد ، وحفظه عن الصدمات ، يخرج بعد خروجه ، ولذا في الغالب حكمهما واحد إلّا فيما ندر ـ كما ستعرف وتعرف الدليل ـ ويظهر منه التأييد لما ذكرنا.
وعرفت أنّ مقتضاها رجوع ذات العادة إلى عادتها ، فمقتضاها أنّ أكثره عشرة كالحيض ، إذ كثيرا ما يصير العادة عشرة ، فيظهر منها أنّ المبتدئة أكثر نفاسها العشرة.
فظهر أنّ ما قاله المفيد والشيخ أصوب.
أمّا الشيخ ؛ فظاهر.
وأمّا المفيد ؛ فلأنّه قال : أقصى مدّة النفاس عشرة يعني ليس أزيد منها ، ويصير ردّا على القول بثمانية عشر ، ولم يقل : إنّ كلّ نفاس عشرة ، وينادي إلى ذلك أنّه قال : وقد جاءت الأخبار المعتمدة (١).
إذ لا شكّ في أنّ مراده تلك الأخبار المذكورة ، إذ لم يوجد خبر واحد يدلّ على أنّ كلّ نفاس عشرة ، أو يشير ، فضلا أن يكون معتبرا ، فضلا أن يكون كثيرة ، سيّما بحيث يرفع اليد بسببه عن الأخبار الصحاح والمعتبرة المشهورة عند القدماء ، مع أنّ كلّ نفاس يكون عشرة باطل بالبديهة ، إذ لا حدّ لأقلّه جزما.
__________________
(١) المقنعة : ٥٧.