تفسد الرعيّة ، كما ورد : «إنّ الناس على دين ملوكهم» (١) ، وجرّب ذلك.
وفساد هؤلاء أشدّ ثمّ أشدّ حتّى ورد : «إنّ شرّ الناس بعد فرعون وفلان وفلان وفلان العلماء السوء ، كما أنّ خير الناس بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام العلماء إذا كانوا صلحاء» (٢).
وربّما جعل بعضهم هذه الإمامة وسيلة لجرّ المنافع الدنيويّة والارتزاق ، بل أظهر هذا بعضهم عندي صريحا غافلا عن قبحه.
اللهمّ لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، فإنّك لو فعلت ذلك لهلكنا.
اللهمّ هربنا إليك من هذه الفتنة العظمى ، والتجأنا إليك من هذه المصيبة الكبرى ، وخذ بناصيتنا إلى ما تحبّ وترضى ، ولا تدعنا وما نحبّ ممّا لا تحبّ ، بذاتك الأقدس ، وكلماتك التامّة ، وأسمائك الحسنى ، وبحقّ من حقّه عليك عظيم ، وبحقّك على جميع خلقك ، آه! من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا ، نجّ غريق معاصيه عنها ، ولا تدعه يضيع ، فإنّه مخلوقك ومصنوعك ومربوبك ، وفي غاية الاحتياج إلى النجاة ، وأنت في غاية السعة من الكرم والرحمة والرأفة والشفقة.
والحاصل ؛ أنّ نفوسنا في غاية الحرص والتهمة في هذه المرتبة ، حتّى أنّا في غيرها من المسائل نحتاط كثيرا من قول بعض العلماء أو بعض الاحتمالات المخالف للظاهر في غير هذه المسألة ، حتّى صرّح بعض المحقّقين بأنّه لا يكاد تسلم مسألة فقهيّة عن النزاع (٣) ، ولم يقع من أمثال هؤلاء ما وقع منهم في المقام في موضع من المواضع ، ولم يجعلوا موضعا معركة عظيمة كما فعلوا هنا.
__________________
(١) موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف : ١٠ / ٩٥ ، نقلا عن : الأسرار المرفوعة لعليّ القاري : ٣٦٧.
(٢) الاحتجاج : ٢ / ٤٥٨ ، بحار الأنوار : ٢ / ٨٩.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٢ / ٣٦٤.