الصنف الثاني عشر : يمنعون عن الاحتياط والجمع بأنّ نيّة الوجوب واجبة لازمة ، سيّما في مقام الاحتياط ، وقصد القربة والإطاعة لازم واجب جزما ، وهذا فرع أن يعرف أنّ الذي يفعله هو الذي أمر الله تعالى به ، فمع العلم بذلك لا وجه للاحتياط ، ومع عدمه لا تتحقّق النيّة التي هي شرط.
وهؤلاء أيضا قاصرون ، إذ ربّما يحصل اليقين باشتغال الذمّة بأحد أمرين أو أحد امور ، ولم يعرف بشخصه ، كما في الذي يعلم أنّ عليه فائتة من الفرائض الخمس ولا يعرفها بخصوصها ، وأنّ أحد ثوبيه نجس وانحصر الساتر فيهما ، إلى غير ذلك ، ومنها صلاة الجمعة بالنسبة إلى المتحيّر ، ومن لم يكن مجتهدا ولا مقلّدا من غير تقصير منه ، أو مع تقصيره ، إذ تقصيره لا يرفع عنه التكليف الذي هو ضروري الدين ، فحينئذ يجب عليه الجمع بينهما إحداهما واجبة بالأصالة ، والثانية من باب المقدّمة.
وقيل بأنّ الواجب حينئذ مجموعهما (١) ، فكلّ واحدة واجبة بالأصالة ، والتكاليف بالنسبة إلى المكلّفين متفاوتة.
وعلى الأوّل ؛ يكون وجوب المقدّمة أيضا وجوبا شرعيّا ، لأنّ مقدّمة الواجب عندهم واجبة شرعا.
فعلى القولين ينوي الوجوب وجوبا أو احتياطا ، ويقصد القربة والإطاعة في كلّ واحدة منهما.
وإذا اطمأنّ أنّ إحداهما هي الواجبة عليه ظاهرا وأنّها تبرئ ذمّته ، أو إحداهما لا على التعيين كذلك إلّا أنّ الجمع أولى وأحوط يفعل الثانية بقصد الاحتياط والاستحباب.
__________________
(١) الحدائق الناضرة : ١ / ٧٢.