وعلى القول بعدم وجوب المقدّمة لا شكّ في لزوم فعلهما ، لحصول ذي المقدّمة ، وأنّه لا يمكن تركها البتة ، والنيّة هي الأمر الداعي إلى الفعل المحرّك للمكلّف البتة ، فقصده في كلّ واحدة منهما إطاعة الله في الواجب الواقعي الحاصلة بفعلهما البتة ، ولا تحصل بغيرهما جزما.
الصنف الثالث عشر : جماعة يرجّحون ويجوّزون خلافه ، إلّا أنّهم يسمّون ترجيحهم علما حتّى يصير حجّة ، ولا يدرون أنّ التسمية كيف تنفع بتبديل الاسم؟ لأنّ منشأ الإشكال هو جواز الخطأ ، والعلم إنّما يكون حجّة بسبب قيد الجزم والمطابقة للواقع في معناه ، وإذا لم يكن أحد القيدين لم يكن علما ، فالتسمية به ، مع أنّه ليس بعلم فاسد إن اريد الحجّية ، وإلّا فلا مشاحّة في الاستعمال.
بل لو كان علما حقيقة ـ بأنّ لفظ العلم موضوع لما يجوز خلافه ، كما توهّموا ـ فمن أين علم أنّه حجّة؟! فالظنّ لا يغني ، وكذا الجهل المركّب ، كما عرفت ، ومرّ في صدر الكتاب ما يزيد التحقيق به ، فلا فائدة في التسمية بالعلم الشرعي ، سيّما مع كون المسلّم عندهم أنّ ألفاظ الآيات والأخبار يرجع فيها إلى العرف واللغة ، كما هو الحقّ المحقّق.
فإن أرادوا ثبوت حجّيته من الشرع ، ففيه أنّ الكلام في المثبت ، واليقين لا يحصل إلّا ممّا ذكره المجتهدون ، وغيره يدور أو يتسلسل.
ولا فائدة أيضا في تسميته بالعلم العادي ، لأنّ العلم العادي مانع عن تجويز النقيض جزما ، إلّا أنّ المنع بواسطة عادة الله والتجويز مع قطع النظر عنها.
الصنف الرابع عشر : يرجّحون وبترجيحهم مطمئنّون من دون ملاحظة وتأمّل في كونه ظنّا أو علما ، والظنّ حجّة له أم لا ، إلى غير ذلك ، وعملهم على ظنونهم من دون اعتقاد كونه علما ويقينا ، ولا اعتقاد كون الظنّ لا بدّ من دليل على