إليه رجلان. إلى أن قال : وإذا جاء بشهود لا يعرفهم بخير ولا شرّ ، بعث رجلين من أخيار أصحابه يسأل كلّ منهما من حيث لا يشعر الآخر عن حال الشهود في قبائلهم ومحلّاتهم ، فإذا أثنوا عليه قضى حينئذ على المدّعى عليه ، وإن رجعا بخبر سيّئ وثناء قبيح لم يفضحهم ، ولكن يدعو الخصمين إلى الصلح ، وإن [لا] يعرف لهم قبيلة سأل عنهما الخصم ، فإن قال : ما علمت منهما إلّا خيرا ، أنفذ شهادتهما (١).
هذا كلّه ؛ مضافا إلى الآيات الدالّة على اعتبار العدالة في الشاهد (٢) ، أو كونه ممّن يرضى بشهادته على النهج الذي عرفت ، مضافا إلى الأخبار الكثيرة الواردة في عدالة إمام الجماعة (٣) ، وقد ذكرنا كثيرا منها.
وممّا ذكرنا ظهر ما في كلام الشيخ ـ على ما نقل عنه : أنّه ادّعى الإجماع في «الخلاف» على كفاية مجرّد الإسلام ، بأنّ الصحابة والتابعين ما كانوا يبحثون عن حال الشهود ، وأنّ البحث استحدثه شريك بن عبد الله من قضاة العامّة (٤) ، إذ عرفت أنّ كفاية مجرّد الإسلام غير معلوم أنّه مذهب أحد سوى ابن الجنيد (٥).
ولهذا هو رحمهالله أيضا في باقي كتبه اختار عدالة رواية (٦) ابن أبي يعفور (٧) وحسن الظاهر (٨).
مع أنّ الفقهاء منعوا ما ذكره من عدم بحث الصحابة والتابعين ، بل ادّعوا
__________________
(١) لم نعثر عليه ، لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ / ٢٣٩ الحديث ٣٣٦٧٨.
(٢) البقرة (٢) : ٢٨٢ ، المائدة (٥) : ١٠٦ ، الطلاق (٦٥) : ٢.
(٣) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٠٩ الباب ١٠ ، ٣١٣ الباب ١١ من أبواب صلاة الجماعة.
(٤) الخلاف : ٦ / ٢١٧ و ٢١٨ المسألة ١٠.
(٥) نقل عنه في الحدائق الناضرة : ١٠ / ١٨.
(٦) يعني : العدالة المذكورة في رواية ابن أبي يعفور.
(٧) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٢٤ الحديث ٦٥ ، وسائل الشيعة ٢٧ / ٣٩١ الحديث ٣٤٠٣٢.
(٨) المبسوط : ٨ / ٢١٧ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٣٢٥.