النسب ، حتّى أنّ الباقر أو الصادق عليهماالسلام سمع من شخص أنّه قال لعبد له : يا ابن الفاعلة ، شنع عليه أشدّ التشنيع ، وهاجره ما دام الحياة ، ولم يقبل عذره في هذا القول منه بأنّ امّه كافرة مشركة ، حيث قال عليهالسلام : «إنّ لكلّ قوم نكاحا» (١).
فجعل عليهالسلام هذا المعنى علّة لحرمة الطعن في النسب المجهول وإن كان نسب المشرك ، وغلظ في التحريم إلى أنّه عليهالسلام هاجره بالمرّة ، مع أنّه كان يصاحبه ويحبّه ، وبتتبّع الأخبار يظهر أمثال ما ذكره.
وأمّا الإيمان ؛ فيشكل الاكتفاء بمجرّد ذلك ، بل لا بدّ من الإقرار ، أو الشياع ، أو الشهادة ، أو القرينة المفيدة للعلم ، مثل كونه بين المؤمنين يسلك سلوكهم ، ويمشي على طريقتهم ، بحيث يحصل العلم بأنّه منهم ، أو أنّه يظهر اعتقاداتهم.
وأمّا مجرّد عدم ظهور الخلاف ؛ فلا دليل عليه إلّا ما ورد من أنّ : «كلّ مولود يولد على الفطرة إلّا أنّ أبويه ينصّرانه ويهوّدانه ويمجّسانه» (٢) ، فيكون مقتضاه أنّ الأصل في الناس الإيمان حتّى يثبت خلافه.
لكن كون تولّد المولود على الفطرة معناه أنّه يعتقد العقائد الحقّة فاسد بالضرورة ، أو أنّه يحكم شرعا بأنّه يعتقدها ، محلّ تأمّل ، مع أنّه حين التولّد لا عقيدة له البتة.
والحاصل ؛ ثبوت ما نحن فيه ـ بحيث يطمأنّ به في مقام الحكم الشرعي ، ويترتّب عليه أحكامه ـ ممنوع ، مع كونه شرطا ، والشكّ في الشرط يقتضي الشكّ في المشروط ، وكلّ شرط لشيء لا بدّ من تحقّقه له ، فهاهنا لا بدّ من ثبوت بحسب
__________________
(١) الكافي : ٢ / ٣٢٤ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٦ الحديث ٢٠٩٠٨ مع اختلاف يسير.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٢٦ الحديث ٩٦ ، علل الشرائع : ٣٧٦ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ١٥ / ١٢٥ الحديث ٢٠١٣٠ ، مع اختلاف.