نعم ، الشيخ أوجب الأخذ بالدليل ، بحيث يكون تاركه آثما عاصيا ، لا غير مؤمن (١) (٢) ـ على ما هو ببالي ـ وعلى هذا أيضا لا يستأهل للإمامة بفسقه ، بل لعلّ هذا الشاذّ ـ أيضا ـ قائل كذلك.
مع أنّه بناؤه في العمل على عدم الخروج عن طريقة الفقهاء أصلا ، بل ربّما يقول : إنّه لا يغني من جوعي ، فكيف جوع غيري؟ وأمثال هذه العبارات.
على أنّك عرفت أنّ الإيمان شرط ، والشكّ فيه يقتضي الشكّ في المشروط ، وشغل الذمّة بالصلاة يقيني ، فلا تبرأ الذمّة إلّا بيقين.
وليس ما قاله الشاذّ يقينا عنده ، فكيف يكون يقينا عند غيره؟! ولا يوجد دليل يقيني على كفاية التقليد أو المظنّة في اصول الدين ، بل الموجود ظنّي تمسّك به الأشاعرة (٣) في مقابل الأدلّة اليقينيّة.
بل بيّنا أنّه مجرّد توهّم واشتباه بين الإيمان الواقعي وظاهر الإسلام المقبول عن المنافقين ـ أيضا ـ جزما ، فإنّ ظنّهم أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والصحابة والتابعين كانوا بمجرّد إظهار الشهادتين يحكمون بالإسلام.
وفيه ما عرفت ، مع أنّه تعالى قال (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٤).
وهذه الآية أيضا تدلّ على أنّ الأصل عدم الإيمان ، وكذا قوله تعالى (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) (٥) ، فتأمّل جدّا!
__________________
(١) في (د ٢) : لا كافرا.
(٢) وقد ذهب إليه في الاقتصاد : ١٤٠.
(٣) شرح المقاصد : ٥ / ٢١٨ ـ ٢٢٤. لعلّ مراد المصنّف رحمهالله من الأشاعرة جمع كثير منهم لا جميعهم.
(٤) الحجرات (٤٩) : ١٤.
(٥) النساء (٤) : ٩٤.