وفي بعض الأخبار : «إذا شهد شاهدان على تزندق شخص وشهد ألف على عدمه يؤخذ بقول الشاهدين ويترك قول الألف ، لأنّه دين مكتوم» (١).
وبالجملة ؛ لا شبهة فيما ذكرناه من أنّه لا يكفي في ثبوت الإيمان عدم الخلاف ، ولم يظهر من القدماء تأمّل في ذلك ، بل ظاهرهم عدم الاكتفاء لو لم نقل المعلوم منهم ، والذي نسب إليهم ، ونقل عنهم : أنّ الأصل في المسلم العدالة لا كلّ الناس (٢).
مع أنّك عرفت أنّ مرادهم حسن الظاهر سوى ما نسب إلى ابن الجنيد.
وأمّا ثبوت العدالة ؛ فبالمعاشرة الباطنيّة أو الظاهريّة ، إلى أن يحصل حسن الظاهر الذي ثبت ممّا مرّ ـ كما مرّ ـ وبالشياع المفيد لليقين ، وكذلك المفيد للظنّ على حسب ما دلّ عليه صحيحة ابن أبي يعفور (٣) ، وكذا بشهادة العدلين ، للاستقراء وتتبّع المواضع التي حكم الشرع بحجّيتها فيه ، فإنّها من الكثرة بمكان ربّما يحصل العلم بعدم مدخليّة خصوصيّة المادّة مع هذا القدر من الانتشار والإكثار.
ولذا صار من المسلّمات عند الفقهاء أنّ شهادة العدلين حجّة ، إلّا فيما منع الشارع ، بل ربّما كان هذا إجماعيّا ، إذ نرى القدماء والمتأخّرين يجعلونها حجّة شرعيّة ، ويحتجّون بها ، ولا نرى من خصم تأمّلا فيها ، بل ويتلقّون بالقبول.
مع أنّ عموم ما دلّ على حجيّة خبر الواحد يشملها بطريق أولى ، والعمومات ما ذكرناها في صدر الكتاب.
__________________
(١) الكافي : ٧ / ٤٠٤ الحديث ٩ ، تهذيب الأحكام : ٦ / ٢٧٨ الحديث ٧٦٢ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ٤١٠ الحديث ٣٤٠٨٠ نقل بالمعنى.
(٢) مختلف الشيعة : ٣ / ٨٨.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٢٤ الحديث ٦٥ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ٣٩١ الحديث ٣٤٠٣٢.