أمير المؤمنين والحسنان وفاطمة عليهمالسلام كانوا من الامّة في ذلك الزمان ، وهم يدّعون أنّهم قالوا بخلافته ، ولا شكّ في أنّ واحدا من هؤلاء المعصومين عليهمالسلام لو قال بخلافته لكانت حقّا.
وبالجملة ؛ الضروريّات من الكثرة بحيث لا يتيسّر إحصاؤها ، وليس منحصرا فيما أشرنا إليه بالبديهة ، فإن كان هؤلاء ينكرونها فلا شكّ في كفرهم ، إذ إنكار واحدة منها يوجب الكفر ، فكيف المجموع؟
وإن كانوا معترفين بها ، فإن قالوا : إنّها مدلولة الآيات والأخبار فقد عرفت أنّ كثيرا منها ليس في القرآن والخبر منه عين ولا أثر.
وكثيرا منها تعارض النصوص بحيث توجب تأويلها ، وليس التأويل إلّا من جهته ، كما هو حال المستحبّات غالبا وغيرها كثيرا.
وكثيرا منها لو لم [يكن إجماع عليها] لم تدلّ الأخبار ، لو لم نقل : إنّ كلّ الأخبار كذلك كما هو حال النجاسات وغيرها.
وكثيرا منها وإن كانت موافقة لظاهر آية أو خبر ، إلّا أنّ الظنّ لا يصير مستند اليقين فضلا عن الضروري ، لأنّ الضروري يبادر إلى الفهم ، ويحكم به من دون توقّف على دليل وعلّة ، ولذا يفهمه العوام والكفّار والمطّلعون.
وجميع ما ذكر لا يقبل الاستتار ، بل كالشمس في وسط النهار ، فإذا كان نظر لا يرى الشمس بهذه المثابة ، فكيف يرى الشعرة وعشر معشار الشعرة؟ إذ الفقه بهذا القدر من التفاوت يختلف اختلافا عظيما ، ويثمر ثمرا كثيرا.
مضافا إلى أنّه يصير حكما بغير ما أنزل الله ، فيكون الحاكم كافرا (١) فاسقا (٢)
__________________
(١) إشارة إلى قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) المائدة (٥) : ٤٤.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) المائدة (٥) : ٤٧.