مقدورا ـ ربّما لا يكون مطلوبا ، فكذا العكس ، فإنّ المطلوب ـ مع كونه مطلوبا ـ ربّما لا يقدر عليه ، أمّا على رأي الأشاعرة فظاهر ، وأمّا على رأي الحقّ (١) ، فلأنّ الحسن والقبح ذاتيّان ، والشرع والعقل متطابقان ، وعدم القدرة على فعل الحسن لا يرفع حسنه ولا يمنع مطلوبيّته ، وإن قلنا بأنّه بالوجوه (٢) والاعتبارات.
ولذا يقال : نسيت أوجب الواجبات عليّ ، ونمت عن أشدّ الفرائض عليّ وصرت محروما منها ، وفات عنّي الموهبة العظمى ، وأمثال هذا ، كما لا يخفى.
نعم ، عدم القدرة يمنع مطالبة الحكيم ومؤاخذته إن لم يكن ناشئا عن تقصير في العلّة القريبة أو البعيدة ، وإلّا جاز المؤاخذة كما كان الله يفعل في الامم السابقة ، ومن هذا يصحّ أن يقال (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) (٣) الآية ، وورد في الأخبار (٤) عليه القضاء ، عقوبة لنسيانه (٥) ، وأمثال ذلك.
وقيل بعدم القضاء (٦) أيضا ، لأنّ الطهور شرط لكون الصلاة مطلوبة وواجبة ومشروعة ، وبعدمه ينعدم المطلوبيّة والمشروعيّة.
وفيه ؛ أنّ الصلاة بغير طهور وإن كانت غير مطلوبة وغير مشروعة ، إلّا أنّ الصلاة مع الطهارة مطلوبة مشروعة بالبديهة ، والمكلّف غير قادر على ذلك المطلوب المشروع (٧) ، ولأجله فات منه وصدق ـ عرفا ولغة ـ أنّه فات منه ، فيجب
__________________
(١) في (ز ٣) : الإماميّة والمعتزلة ، بدلا من : الحقّ.
(٢) في (ز ٢) و (ط) : وإن قلنا بالوجوه ، وفي (ز ٢) : وإن قلت بالوجوه.
(٣) البقرة (٢) : ٢٨٦.
(٤) لم ترد في (ز ١ ، ٢) و (ط) : في الأخبار.
(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٥٤ الحديث ٧٣٨ ، الاستبصار : ١ / ١٨٢ الحديث ٦٣٨ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٨١ الحديث ٤٢٣٢.
(٦) قاله العلّامة في منتهى المطلب : ٧ / ١٠١.
(٧) في (ز ٣) : الشرعي.