مضافا إلى غاية شهرتها في ألسن العلماء حتّى أنّهم في محاوراتهم ومكالماتهم يذكرونها ويتمسّكون بها ، لكن لا نفع لها للمستدلّ ، لما عرفت من أنّ الصلاة بغير طهور ليست بصلاة أصلا ، وليست بصحيحة أصلا.
مضافا إلى أصالة البراءة ، وأصالة العدم ، وأصالة بقاء ما كان على ما كان.
ومنها ظهر أنّه لو قال القائل بأنّ «لا صلاة إلّا بطهور» وغيره ، ورد مورد الغالب ، لا ينفعه ، لأنّ حاله حال ما دلّ على وجوب الصلاة.
فإن قال : عمومه لغوي ، واللغوي يشمل الغالب وغيره ، فقد عرفت أنّ «لا صلاة» أيضا عمومه لغوي ، فيثبت أنّه لا يجب أداؤها.
فهل يجب قضاؤها إذا تمكّن من الطهور؟ الأظهر نعم ، وهو المشهور ، لعموم ما دلّ على وجوب قضاء الفوائت (١) ولا شك في أنّها فاتت ، ويصدق عليها الفوت ـ لغة وعرفا ـ ، لا أنّها لم تكن مطلوبة ومشروعة أصلا ، كالصلاة قبل دخول وقتها ، إذ لا يصدق عليها قبل وقتها أنّها فاتت ، لأنّها لم تجئ بعد ، فكيف فاتت؟
وبالجملة ؛ الفرق واضح بين شروط المطلوبيّة بحيث لو لم يتحقّق لم يتحقّق المطلوبيّة والمشروعيّة ، وبين التمكّن من المطلوب والقدرة عليه ، فإنّ المطلوبيّة والمشروعيّة متحقّقة إلّا أنّ المكلّف غير قادر ، لا يمكنه إيجاد المطلوب المشروع ، إذ عدم تمكّنه وعدم قدرته لا يصير منشأ لزوال المشروعيّة والمطلوبيّة عند الله تعالى ، وعدم الحسن ـ بعنوان الوجوب ـ الذي لها عنده تعالى.
والحاصل ؛ أنّه فرق واضح بين عدم القدرة على ما هو حسن عقلا وشرعا ومطلوب عندهما ، وبين عدم كون الشيء حسنا ومطلوبا ، وفي الأوّل يقال : فات منه الحسن والمطلوب والمشروع ، بخلاف الثاني ، وكما أنّ المقدور ـ مع كونه
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٢٥٣ الباب ١ من أبواب قضاء الصلاة.