بل أهل الذمّة أيضا من الكفّار ، فإذا كانوا غير مكلّفين بالفروع ، فكيف يصير حالهم في الامور التي أشرنا إليها إذا صدرت منهم أو أرادوا صدورها ، أو فعلوا بأنفسهم ما لا يوافق شرعهم ، أو أرادوا ذلك؟
وأيضا عندنا أنّ الحسن والقبح عقليّان وذاتيّان ، مثلا : الكذب قبيح عقلا وذاتا ، لا أنّه قبيح من المسلم (١) ، بل ربّما كان بعض الامور من الكافر (٢) أقبح ، فتأمّل جدّا ، كما يشير إليه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع عن أمّتي الخطأ ، والنسيان ، وما لا يعلمون» (٣) وغيره (٤) الظاهر في أنّ الامور المذكورة مرفوعة عن امّته صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصّة ، فإذا كان المرفوع عنهم لم يرفع عن الكفّار ، فما ظنّك بما لم يرفع عن امّته أيضا؟ وكذا الحال في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بعثت على الملّة الحنيفيّة السهلة السمحة» (٥) وأمثاله فتأمّل جدّا (٦)!
ويدلّ أيضا معاملة جميع المسلمين في جميع الأعصار والأمصار.
ويعضده أيضا مثل : «رفع القلم عن الصبي حتّى يبلغ ، والمجنون حتّى يفيق» (٧) وأمثال ذلك ، ومنها ؛ ما ورد عنهم عليهمالسلام من العلل في حرمة الأشياء ووجوبها (٨) وغير ذلك.
وبالجملة ؛ لا شبهة في فساد عدم كونهم مكلّفين في الفروع ، ولا حاجة إلى
__________________
(١) في (د ١) : لا أنّه قبيح من المسلمين.
(٢) في (د ٢) و (ز ١) : الكفّار.
(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ١٥ / ٣٦٩ الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس.
(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٣ / ٢٣٧ و ٢٣٨ الحديث ٢٩٤٦٦ ـ ٢٩٤٦٩.
(٥) عوالى اللآلي : ١ / ٣٨١ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ٨ / ١١٦ الحديث ١٠٢٠٨ مع اختلاف.
(٦) لم ترد في (ز ٢) و (ط) : فتأمّل جدّا.
(٧) عوالي اللآلي : ١ / ٢٠٩ الحديث ٤٨ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٥ الحديث ٨١ ، مع اختلاف.
(٨) لاحظ! علل الشرائع : ٢٨١ و ٣٠٥ و ٤٧٤ ـ ٤٨٥.