قال في «المسالك» : فلا عبرة بشعر الإبط والشارب واللحية عندنا ، وإن كان الأغلب تأخّرها عن البلوغ ، إذ لم يثبت كون ذلك دليلا شرعا ، خلافا لبعض العامّة ، واستقرب في «التحرير» كون نبات اللحية دليلا دون غيره من الشعور ، انتهى (١).
قلت : رواية حمران تضمّنت كون الإشعار والإنبات دليلا على البلوغ من دون تخصيص بالعانة ، ورواية الكناسي تدلّ على اعتبار شعر الوجه أيضا ، حيث قال فيها : (أو يشعر في وجهه أو ينبت في عانته) ، ولذا استقرب في «التحرير» (٢) ما استقرب.
وقال الشهيد الثاني ـ في شرحه على اللمعة في كتاب الصوم ـ : وفي إلحاق اخضرار الشارب وإنبات اللحية بالعانة قول قويّ (٣) ، انتهى.
وهو كما قال لما ستعرف ، وظاهر «اللمعة» أيضا موافقته لهما ، ولعلّ من لم يتعرّض لهما ليس من جهة توقّفه فيهما ، بل من جهة أنّهما بعد إنبات العانة بمدّة ـ عادة ـ ، كما أنّهم لا يتعرّضون لذكر الحمل إلّا قليل منهم ، فتأمّل جدّا!
قوله : (وإن اختلف).
في «المسالك» : المشهور الثاني ، لتعليق الأحكام في الكتاب والسنّة على الحلم والاحتلام ، فلو كان الإنبات أيضا بلوغا بنفسه لم يختصّ بذلك ، ولأنّ البلوغ غير مكتسب ، والإنبات قد يكتسب بالدواء ، ولحصوله على التدريج ، والبلوغ لا يكون كذلك ، ووجه الأوّل ترتّب أحكام البلوغ عليه ، وهو أعمّ
__________________
(١) مسالك الأفهام : ٤ / ١٤١.
(٢) تحرير الأحكام : ١ / ٢١٨.
(٣) الروضة البهيّة : ٢ / ١٤٥.