من المدّعى (١) ، انتهى.
أقول : العلم بابتداء البلوغ لا يحصل منه عادة بلا شبهة ، إلّا أن يبنى على أصالة تأخّر الحادث ، فتأمّل!
قوله : (كالحيض والحمل).
أمّا الحيض فلأنّ شرط كون الدم حيضا كونه بعد البلوغ ، وما لم يبلغ يكون استحاضة ـ كما ستعرف ـ وليس هاهنا دور كما توهّم ، لأنّ الاشتراط المذكور إنّما هو بحسب الواقع ، والدلالة على البلوغ إنّما هي بالنظر إلى الظاهر الذي اعتبره الشارع لأجل الإثبات والحكم بالوقوع شرعا ، وبالنسبة إلى القاعدة الشرعيّة المقتضية للثبوت والوقوع بظاهر الشرع ، فإنّ الدم الخارج عنها إذا كان خروجه في وقت أمكن أن يكون حيضا باستجماعه صفات الحيض وشرائطه ، فلا شكّ في أنّ الظاهر والراجح كونه حيضا ، إلّا أن يثبت عدم كونه حيضا بثبوت عدم بلوغها.
ولا شبهة في أنّ الشارع اعتبر ذلك الظهور والرجحان في الموضع الذي لم يثبت كونه حيضا ـ كما ستعرف ـ فالحيض الظاهري دليل شرعي على البلوغ ، وعلى سبقه ـ أيضا ـ كما عرفت.
وأمّا تعيين ابتداء البلوغ ، فبالأصول والقواعد المسلّمة مثل أصالة تأخّر الحادث ، وبقاء ما كان على ما كان ، وبراءة الذمّة عن الواجبات والمحرّمات حتّى يثبت خلافها.
وأمّا الحمل ، فلا شكّ في دلالته على سبق إنزال منيّها ، إذ ما لم ينزل لا يتحقّق حملها بالنصّ والإجماع ، بل النصوص الكثيرة (٢) بعد ظاهر الآيتين ، وهو قوله
__________________
(١) مسالك الأفهام : ٤ / ١٤١.
(٢) راجع! بحار الأنوار : ٥٧ / ٣١٧ باب بدء خلق الإنسان في الرحم إلى آخر أحواله.