العمر الا نصف ما عمر من قبله ، وان عيسى بن مريم عليهما السلام لبث في قومه اربعين سنة وانى قد اسرعت في العشرين.
الا وانى يوشك ان افارقكم ألا وانى مسئول وانتم مسئولون ، فهل بلغتكم.
فماذا انتم قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم محبيب يقولون : نشهد انك عبد الله ورسوله ، فقد بلغت رسالته ، وجاهدت في سبيل الله ، وصدعت بامره ، وعبدته حتى اتاك اليقين فجزاك الله عنا خير ما جزى نبيا.
فقال : الستم تشهدون ان لا اله الا الله وحده لا شريك له؟ وان محمد عبده ورسوله؟ وان الجنة حق؟ والنار حق؟ وتؤمنون بالكتاب كله؟
قالوا : بلى. قال : فانى اشهد ان قد صدقتكم ، وصدقتموني ، الا وانى فرطكم وانكم تبعى ، توشكون ان تردوا على الحوض ، فاسئلكم حين تلقوننى عن ثقلى ، كيف خلفتموني فيهما؟ قال : فاعيل (١) علينا ، ما ندرى ما الثقلان؟ حتى قام رجل من المهاجرين فقال :
بابى انت وامى يا رسول الله ، ما الثقلان؟ قال : الاكبر منهما كتاب الله ، سبب طرف (٢) بيد الله وطرف بايديكم ، فتمسكوا به ولا تولوا ، ولا تضلوا ، والاصغر منهما عترتي ، من استقبل قبلتى واجاب دعوتي ، فلا تقتلوهم ولا تعمدوهم ، ولا تقصروا عنهم ولا تقهروهم فانى قد سئلت لهما اللطيف الخبير ، فاعطاني.
ناصرهما لى ناصر ، وخاذلهما لى خاذل ، ووليهما لى ولى ، وعدوهما لى
__________________
(١) وفى النسخ الموجودة بايدينا : قال فاعتل علينا. وفى صحاح اللغة للجوهري : علت الضالة اعيل عيلا وعيلانا فانا عائل إذا لم تدر أي وجهة تبغيها ، وقال الاحمر : عالنى الشئ يعيلنى عيلا ومعيلا إذا اعجزك.
(٢) هكذا في النسخ الموجودة بايدينا ، ولكن في البحار نقلا عن العمدة : سبب طرفه بيد الله وطرفه بايديكم.
ج ٣٧ ص ١٨٤.