الله صلى الله عليه وآله ونطق به بوحيه تعالى وقال تعالى له صلى الله عليه وآله (إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَ) (١). فلما أثبت سبحانه وتعالى أن قول رسول الله صلى الله عليه وآله بوحي منه تعالى قال تعالى عز وجل (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٢) يدل على أن حبه يدخل الجنة لأن علامة الإيمان حبه على ما قد بيناه من هذه الأحاديث كما دل بغضه على أن مبغضه يكون منافقا ومع كونه منافقا فهو (فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ). فقد ثبت أن أحدنا يعلم في حال الدنيا أهو من أهل الجنة أو هو من أهل النار بدليل صادق لا يحتمله التوسع ولا المجاز فصار ذلك حقيقة في طريق الهداية والضلال بما قد تضمنه القرآن المجيد الصريح والخبر المتواتر الصحيح.
وهذا غاية في وجوب الاقتداء ونهاية في خلوص الاصطفاء ثم لم تكن محبته طريق الهداية إلا عن أصل صحيح وهو أن الله تعالى يحبه ورسوله صلى الله عليه وآله يحبه أيضا فلذلك أمرنا بمحبته (ع) فمحبة الله له اجتباء ومحبة الرسول صلى الله عليه وآله له اصطفاء ومحبة الأمة له اقتداء ولذلك صار المحجة الواضحة في نجاة التابع والحجة الموضحة عن ضلال الزائغ.
يدل على صحة ما قلناه قوله تعالى (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (٣) وهى خاصة فيه فيما يأتي بعد ان شاء الله تعالى ، وقول النبي صلى الله عليه وآله : لاعطين الراية غدا رجلا ، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، من غير طريق انها خاصة به ، وقد تقدم ذكر خبر الراية مستوفى فلا معنى باعادته.
[قال] الكميت :
إلى أي عدل أم إلى أي رأفة |
|
سواهم يؤم الظاعن (٤) المتحمل |
لأهل العمى فيهم شفاء من العمى |
|
مع النصح لو أن النصيحة تقبل (٥) |
__________________
(١) الانعام ـ ٥٠.
(٢) الحشر ـ ٧.
(٣) المائدة ـ ٥٤.
(٤) ظعن : سار وارتحل. مجمع البحرين.
(٥) تنبيه : لا يخفى ان احاديث هذا الفصل مذكورة في الكتب العامة والخاصة. =