دخل الجنة وقوله صلى الله عليه وآله : انا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم لهما ولابويهما كل ذلك مما بيناه ونبينه من الصحاح ، وكثير مما ذكرناه ومما نذكره كان مستحقا لجميع ما شرطه النبي صلى الله عليه وآله لفاعل ذلك ، فليتأمل ذلك.
فاما حريق الكعبة وان عسكر يزيد احرقها وحارب اهل مكة وفتك بها وبمن فيها فقد ذكرنا طريقه من الصحاح بما تقدم.
واما نهب المدينة والفتك بها وقتل اولاد المهاجرين والانصار وبعض الصحابة ، فيدل عليه ما ذكره محمد بن جرير الطبري في تاريخه (١) وابن عبد ربه في الكتاب الموسوم «بالعقد» وهو ان مسور بن مخزمة كان يقول في يزيد بن معاوية : انه يشرب الخمر ويلعب بالنرد (٢) فبلغه ذلك فكتب إلى عمرو بن سعيد بن العاص.
واليه على المدينة : ان يجلد مسور الحد فضربه حد المفترى فقال فيه الشاعر :
ايشربها صهباء كالمسك ريحها |
|
أبو خالد والحد يضرب مسورا |
فأخرج اهل المدينة عمروا منها وسائر بني امية ، فانفذ يزيد إليها عشرين الفا مع مسلم بن عقبة المرى فقتل منها ثمانية آلاف من اولاد المهاجرين والانصار وغيرهم واباحها ثلاثا ، فلم يبق بها دار الا انتهبت (٣) سوى دار على بن الحسين عليهما السلام ، فانه حماها رجل من أهل الشام تلك الثلاثة الايام ، فلما كان بعد الثلاثة الايام اخرج له على بن الحسين عليهما السلام ملاءة قد جمع بها حليا وثيابا من نسائه وقال له : خذ هذا من بنات رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له : لم أفعل ذلك لسبب بل ارجو الجنة فقال : خذه ولك ما طلبت.
وقال الهيثم : قتل يوم الحرة ، حرة واقم نحوا من ستة آلاف وخمس مائة وقال أبو مخنف : المقتولون من وجوه قريش سبع مائة.
وفى التاريخ ـ اعني تاريخ الطبري ـ : انه قتل من القراء سبع مائة وثلاثة
__________________
(١) الجزء الرابع من ص ٣٧٠ ـ ٣٨١ وقايع سنة ٦١ من الهجرة.
(٢) وفى نسخة : ويلعب بالقرد.
(٣) وفى نسخة : انتهك.