لتأمرني بامرك فما شئت ، ان شئت ان اطبق عليهم الاخشبين (١) فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : بل ارجوان يخرج الله من اصلا بهم من بعبدالله وحده لا يشرك به شيئا (٢)
قال يحيى بن الحسن : وهذا هو العذر لامير المؤمنين عليه السلام في ترك قتل اصحابه الذين خرجوا عن امره بصفين ، وقد تقدم ذكر ذلك ، ولما علم من حال اهل النهروان انه لا يخرج من ظهورهم من يؤمن بالله قتلهم عن آخرهم الا النفر الذين انهزموا من حربه عليه السلام وذلك بوحى الله تعالى إلى رسوله واعلام الرسول صلى الله عليه وآله له (ع) وذلك اسوة بنوح نبى الله لانه تعالى لما اعلمه بالوحى : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ) (٣) قال حينئذ (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٤) فحسن حينئذ هلاك القوم كما حسن هلاك قوم نوح.
ويدل على صحة ما قلناه : من ان امير المؤمنين (ع) كان يعلم حال كل محارب له ومخالف عليه وما يؤل إليه امرهم ، ما ذكره مسلم بن الحجاج في صحيحه في الجزء الخامس من الصحيح في اول كراس منه في باب تأويل سورة غافرا عني : حم تنزيل الكتاب (٥) وبالاسناد المقدم قال مسلم : وقد روى بعضهم عن ابن عباس انه قال كان على عليه السلام يعرف بها الفتن.
قال : وأراه ذكره في هذا الحديث : وكل جماعة كانت في الارض أو تكون في الارض ، ومن كل قرية كانت أو تكون في الارض.
قال : وقد روى عن على عليه السلام انه قال على المنبر : سلونى قبل ان تفقدوني ، سلونى عن كتاب الله وما من آية الا واعلم حيث انزلت بحضيض جبل (٦) أو سهل ارض
__________________
(١) الاخشبان : الجبلان المطيفان بمكة وهما : أبو قبس والاحمر ـ لسان العرب.
(٢) صحيح مسلم الجزء الخامس كتاب الجهاد ص ١٨١.
(٣) هود : ٣٦.
(٤) نوح : ٢٦.
(٥) الغافر ـ ١ «السورة ٤٠».
(٦) الحضيض : قرار الارض عند سفح الجبل ـ لسان العرب.