وسلوني عن الفتن ، فما من فتنة الا وقد علمت كبشها ومن يقتل فيها (١) قال : وقد روى عنه من نحو هذا كثير.
وقد قدمنا ذكر هذا الخبر في موضع آخر من الكتاب فلولا ما كان يعلمه من حال من الزمه بالتحكيم ، وحال تقدمهم لكان قد ناجزهم القتال ، وانما للعلة التي امتنع النبي صلى الله عليه وآله عن قتل المنافقين ، امتنع امير المؤمنين عليه السلام عن قتل من كان قادرا على قتله من خصومه واعدائه الناكثين والقاسطين والمارقين ومن جرى في الخلاف مجراهم (٢).
وقال يحيى بن الحسن ايضا : وفى الاخبار التي رويت عن عمار «رضى الله عنه» : وهى قوله : «ما عهد الينا رسول الله شيئا لم يعهده إلى الناس كافة وانما قال لى حذيفة : ان النبي صلى الله عليه وآله قال : في اصحابي اثنا عشر منافقا» كنايات غريبة.
منها : التنبيه على استحقاق الولاء لامير المؤمنين عليه السلام.
ومنها : ما يدل على ان من خالفه في ذلك منافق.
اما ما يدل على استحقاق الولاء له عليه السلام من الكناية في ذلك فهو قوله : ان النبي صلى الله عليه وآله لم يعهد الينا شيئا لم يعهده إلى الناس كافة ، وهذا تنبيه على ما قاله النبي صلى الله عليه وآله في حقه : من كنت مولاه فعلى مولاه ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله : انت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبى بعدى. وقوله صلى الله عليه وآله : انت ولى كل مؤمن بعدى ومؤمنة وقوله صلى الله عليه وآله : على منى وانا منه ، وقوله صلى الله عليه وآله : كنت انا وعلى نورا بين يدى الله قبل
__________________
(١) ينابيع المودة للقندوزى ص ٧٤ عن مسند احمد بن حنبل وراجع تفصيل ذلك الغدير ج ٦ ص ١٩٣ وغاية المرام ٥٢٤.
(٢) صحيح البخاري ج ٦ ص ١٥٤ ـ في تفسير سورة المنافقين تتمة الحديث الاول فقال : يا رسول الله دعني اضرب عنق هذا المنافق : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعه لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه. كذلك حديث آخر عين هذا الحديث. فامير المؤمنين لم يقتلهم تبعا للنبى الاعظم صلى الله عليهم اجمعين.