يسل عليه السيف الامن ليس منه ولا يدعى لنفسه ذلك ولا يدعى له ذلك احد لانهم اجناس ثلاثة : اما مشرك عابد صنم ، أو يهودى أو نصراني وليس في هذه الاجناس الثلاثة من يقول : انه منه أو يقال له ، نعوذ بالله تعالى من ان يقال ذلك ، فلم يبق فائدة هذا القول الا ان يكون عنى (١) امير المؤمنين عليه السلام وقوله صلى الله عليه وآله : من سل علينا السيف المراد به غيره ، وحسن ذلك وساغ وصحت الكناية عنه لسببين : احدهما وهو الاصل وعليه بنى الاخر ، قوله سبحانه وتعالى في آية المباهلة : (وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (٢) فجعل سبحانه وتعالى : عليا عليه السلام نفس رسول الله صلى الله عليه وآله فلذلك جازان يقول : «علينا» والمراد به غيره من حيث ان النفس واحدة ، والسبب الاخر الذي قلنا انه فرع من ذلك الاصل ، قول النبي صلى الله عليه وآله : على منى وانا منه.
وقد تقدم ذكر ذلك كله من الصحاح من غير طريق ، وإذا كان كل واحد منهما من الاخر جازان يقول : «علينا» والمراد به غيره ، ويقول : «ليس منا» والمراد به غيره ، فحسنت الكناية حينئذ من حيث كانت النفس واحدة ، يدل على صحة هذا التأويل ما تقدم من الصحاح من قول النبي صلى الله عليه وآله : من آذى عليا فقد آذانى.
وقد ورد ذلك من غير طريق ، وقوله صلى الله عليه وآله : حربك حربى ، وسلمك سلمى ، وقد تقدم ذكر ذلك من الصحاح من غير طريق ، وايضا ما قدمناه من طريق ابن المغازلى من قول النبي صلى الله عليه وآله : يا ايها الناس من آذى عليا بعث يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا فقال جابر بن عبد الله الانصاري : يا رسول الله وان شهد ان لا اله الا الله وانك محمد رسول الله؟ فقال : يا جابر كلمة يحتجزون بها ان لا تسفك دماؤهم وان لا تستباح اموالهم وان لا يعطوا (الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) (٣).
ومن قول النبي صلى الله عليه وآله من طريق ابن المغازلى ايضا لعلى عليه السلام : من قاتلك في
__________________
(١) قصد.
(٢) آل عمران : ٦١.
(٣) المناقب ابن المغازلى ص ٥٢.