٥٦ ـ ومن تفسير الثعلبي ، قوله سبحانه وتعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) (١) وَبِالْإِسْنَادِ الْمُقَدَّمِ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هِيَ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ وَهُمَا بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكُ وَهِيَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَخَيْبَرُ وَقُرَى عُرَيْنَةَ (٢) وَيَنْبُعَ جَعَلَهَا اللهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ يَحْكُمُ فِيهَا مَا أَرَادَ وَاخْتَلَفُوا فِيهَا فَقَالَ أُنَاسٌ هَلاَّ قَسَمَهَا فَأَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) (٣) قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله.
وقوله تعالى : (مِنْ أَهْلِ الْقُرى) يعنى من اموال كفار اهل القرى ، واختلف الفقهاء في وجه استحقاقهم سهمهم من المال الفيئ والغنيمة ، فقال قوم : انهم يستحقون ذلك بالقرابة ، ولا تعتبر فيهم الحاجة وعدم الحاجة ، واليه ذهب الشافعي واصحابه وقال آخرون : انهم يستحقون ذلك بالحاجة لا بالقرابة ، واليه ذهب أبو حنيفة واصحابه ، فإذا قسم ذلك ، فضل الذكور على الاناث ، كالحكم في الميراث فيكون للذكر سهمان ، وللانثى سهم ، وقال محمد بن الحسن.
يسوى بينهم ، ولا يفضل الذكور على الاناث ، (٤).
قال : يحيى بن الحسن : الاقوى ما ذهب إليه الشافعي ، وهو الصحيح ، ويشهد بصحته ظاهر الكتاب العزيز لقوله تعالى : (وَلِذِي الْقُرْبى) فاوجب لهم سهما معلوما ، ولم يفرق بين من كان ذا حاجة وغير ذى حاجة ، ومن ذهب إلى انهم يستحقون ذلك بالحاجة لا بالقرابة ، فمخالف لظاهر الكتاب العزيز ، لانه لو كان الاستحقاق بمجرد الحاجة لقد كان يوجد في غيرهم من هو احوج منهم ، وإذا وجد من هو احوج منهم وكان مجرد الاستحقاق حاصلا فيه وهو وجود الحاجة دون القربى ، كان احق به ، وهذا خلاف ورود النص في لفظ الاية ، لان لفظ الاية متضمن لفظ القربى
__________________
(١) الحشر : ٧.
(٢) وفى غاية المرام : وقرى عرسه.
(٣) الحشر : ٧.
(٤) غاية المرام ص ٣٢٤.