فنسب العبوس إلى اليوم كما يقال : يوم صائم وليل نائم ، وقال ابن عباس : يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران ، وقيل : وصف اليوم بالعبوس لما فيه من الشدّة والهول كالرجل الكالح البائس.
(قَمْطَرِيراً) روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : العبوس : الضيق ، والقمطرير : الطويل. الكلبي : العبوس : الذي لا انبساط فيه والقمطرير : الشديد. وقال قتادة ومجاهد ومقاتل : القمطرير : الذي يقلّص الوجوه ويقبض الحياة وما بين الأعين من شدته. قال الأخفش :
القمطرير أشدّ ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء يقال : يوم قمطرير وقماطر إذا كان شديدا لكربها. قال الشاعر :
ففرّوا إذا ما الحرب ثار غبارها |
|
ولج بها اليوم العبوس القماطر (١) |
وأنشد الفرّاء :
بني عمّنا هل تذكرون بلانا |
|
عليكم إذا ما كان يوم قماطر (٢) |
وقال الكسائي : اقمطرّ القوم وازمهرّ اقمطرارا وازمهرارا وهو الزمهرير والقمطرير ، ويوم مقمطر إذا كان صعبا شديدا. قال الهذلي :
بنو الحرب أرضعنا لهم مقمطرة |
|
فمن تلق منا ذلك اليوم يهرب (٣) |
(فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ) الذي يخافون (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً) في وجوههم (وَسُرُوراً) في قلوبهم (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا) على طاعة الله وعن معصيته ، وقال الضحاك : على الفقر.
القرطبي : على الصوم. عطاء : على الجوع.
وروي سعيد بن المسيب عن عمر قال : سئل رسول الله عليهالسلام عن الصبر فقال : «الصبر أربعة أولها الصبر عند الصدمة الأولى والصبر على أداء الفرائض ، والصبر على اجتناب محارم الله ، والصبر على المصائب» [٧٨] (٤). (جَنَّةً وَحَرِيراً) قال الحسن : أدخلهم الجنة وألبسهم الحرير. (مُتَّكِئِينَ) نصب على الحال (فِيها) في الجنة (عَلَى الْأَرائِكِ) السرر في الحجال لا تكون أريكة إذا اجتمعا. قال الحسن : وهي لغة أهل اليمن كان الرجل العظيم منهم يتخذ أريكة فيقال : أريكه فلان.
وقال مقاتل : الأرائك : السرر في الحجال من الدر والياقوت موضونة بقضبان الذهب والفضة وألوان الجواهر. (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) أي شتاء ولا قيضا.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ١٣٥.
(٢) الصحاح : ٢ / ٧٩٧.
(٣) المصدر السابق ، وفي تاج العروس (٣ / ٥٠٧) رواه : بها مقمطرة ، فمن يلق يلق سيد مدرّب.
(٤) تفسير القرطبي : ١٩ / ١٣٦.