الشهوات ، فهم أحرص على الحياة منكم لعدم اعتقادهم بسعادة أخروية ، إلى أن أهل الكتاب يظنون أنهم يحصلون عليها بنسبهم وشفاعة أنبيائهم.
وفى الآية إيماء إلى أن من شأن المؤمنين أن يكونوا أعلم من الكافرين بكل ما يتعلق بحياة البشر وارتقاء الأمم ، ومن ثم كانت المائة منهم دون العشرة من المؤمنين الصابرين.
وهكذا كان المسلمون فى العصور الأولى حين كانوا يعملون بهداية دينهم وكانوا بها أرباب ملك واسع وعز وجاه عريض ودانت لهم الشعوب الكثيرة ، حتى إذا ما تركوا هذه الهداية زال مجدهم وسؤددهم وذهب ريحهم ونزع منهم أكثر ذلك الملك.
وبعد أن بين المرتبة العليا التي ينبغى أن تكون للمؤمنين ، قفّى على ذلك ببيان مادونها من مرتبة الضعف فقال :
(الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)
روى البخاري عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : لما نزلت «إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين» شق ذلك على المسلمين حين فرض عليهم ألا يفرّ الواحد من عشرة ، فجاء التخفيف فقال : «الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا ، فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين» قال : فلما خفف الله عنهم من العدة نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم.
وبهذا الحديث استدل العلماء على وجوب ثبات الواحد المسلم إذا قاوم رجلين من الكفار وتحريم الفرار عليه منهما ، سواء طلباه أو طلبهما ، وسواء وقع ذلك وهو واقف فى الصف مع العسكر أو لم يكن هناك عسكر.
والخلاصة ـ إن أقلّ حال للمؤمنين مع الكفار فى القتال أن ترجح المائة منهم على المائتين والألف على الألفين ، وإن هذه رخصة خاصة بحال الضعف كما كان الحال فى الوقت الذي نزلت فيه هذه الآيات وهو وقت غزوة بدر حين كان المؤمنون