فكثرت الغنائم وتوجه إليهم الناس من كل فج ، ومهد الله لهم سبل الرزق من إمارة وتجارة وزراعة وصناعة ، وكان نصيب مكة من ذلك عظيما بكثرة الحاج وأمن طرق التجارة.
وقيد هذا الغنى بمشيئته التي لا يشك مؤمن فى حصول ما تتعلق به ، لتقوية إيمانهم بربهم واتكالهم عليه دون كسبهم وحده وإن كانوا مأمورين به ، لأنه من سننه فى خلقه ، ولكن لا يجوز أن ينسوا توفيقه وتأييده لهم فهو الذي نصرهم وأغناهم وسيزيدهم نصرا وغنى.
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي إنه عليم بما يكون من مستقبل أمركم فى الغنى والفقر ، حكيم فيما يشرعه لكم من أمر ونهى كأمركم بقتال المشركين بعد انقضاء عهودهم ، ونهيكم عن قرب المشركين للمسجد الحرام بعد هذا العام ، ونهيكم عن اتخاذ آبائكم وإخوانكم منهم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان.
(قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (٢٩))
تفسير المفردات
يقال : فلان يدين بكذا إذا اتخذه دينا وعقيدة ، ودين الحق : هو الدين الذي أنزله الله على أنبيائه ، والجزية ضرب من الخراج يضرب على الأشخاص لا على الأرض ، وجمعها جزى (بالكسر) واليد : السعة والقدرة ، والصّغار والصغر : ضد الكبر ويكون فى الأمور الحسية والمعنوية ، وللمراد به هنا الخضوع لأحكام الإسلام وسيادته التي بها تصغر أنفسهم لديهم بفقد الملك وعجزهم عن مقاومة الحكم.