أما الذين يعقد بيننا وبينهم صلح بعهد وميثاق يعترف به الطرفان فيسمّون المعاهدين أو أهل العهد.
وأول من سن الجزية كسرى أنو شروان ، قال أبو حنيفة الدّينورى : إنه وظّف الجزية على أربع طبقات ، وأسقطها عن أهل البيوتات والمرازبة والأساورة والكتاب ومن كان فى خدمة الملك ، ولم يلزم أحدا لم تأت له عشرون سنة أو جاوز الخمسين.
وقد اقتدى به عمر بن الخطاب حين افتتح بلاد الفرس ولم يكن هو بأول واضع لها.
وهاك عهدا كتبه أحد قواد عمر بن الخطاب لرزبان وأهل دهستان :
«هذا كتاب من سويد بن مقرّن لرزبان صول بن رزبان وأهل دهستان وسائر أهل جرجان ، إن لكم الذمة وعلينا المنعة. على أن عليكم من الجزاء فى كل سنة على قدر طاقتكم على كل حالم ، ومن استعنّا به منكم فله جزاؤه فى معونته عوضا عن جزائه ، ولكم الأمان على أنفسكم وأموالكم ومللكم وشرائعكم ولا يغيّر شىء من ذلك.
شهد بذلك سواد بن قطبة وهند بن عمر وسماك بن مخرمة وعتيبة بن النهاس».
وكتب عتبة بن فرقد أحد عمال عمر بن الخطاب قال : «هذا ما أعطى عتبة بن فرقد عامل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين لأهل أذربيجان سهلها وجبلها وحواشيها وشفارها وأهل مللها كلهم الأمان على أنفسهم وأموالهم ومللهم وشرائعهم على أن يؤدوا الجزية على قدر طاقتهم ، ومن حشر منهم فى سنة (أرسل لميدان القتال) وضع عنه جزاء تلك السنة ، ومن أقام فله مثل ما لمن أقام من ذلك».
والجزية التي وضعها عمر على الفقراء من أهل الذمة اثنا عشر درهما ، وعلى الأوساط أربعة وعشرون ، وعلى أهل الثروة ثمانية وأربعون.