أي طال العهد بينهم وبين أنبيائهم ، فقست قلوبهم : أي صلبت وصارت كالحجارة أو أشد قسوة ، فاسقون : أي خارجون عن حدود دينهم ، رافضون لما جاء فيه من أوامر ونواه ، والأرض الميتة : هى التي لا تنبت شيئا ، والآيات : هى البينات والحجج ، تعقلون : أي تتدبرون.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر فرق ما بين المؤمنين والمنافقين يوم القيامة ، وأن الأولين لهم نور يهديهم إلى طريق الجنة ، وأن الآخرين يطلبون منهم أن يأتوهم قبسا من نورهم يهديهم إلى سبيل النجاة ، فيردونهم خائبين ، ويقولون لهم : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا ـ أردف هذا عتاب قوم من المؤمنين فترت هممهم عن القيام بما ندبوا له من الخشوع ، ورقة القلوب بسماع المواعظ وسماع القرآن ، ثم حذرهم أن يكونوا كأهل الكتاب الذين طال العهد بينهم وبين أنبيائهم فقست قلوبهم وأعرضوا عن أوامر الدين ونواهيه ، ثم أبان لهم بضرب المثل أن القلوب القاسية تحيا بالذكر وتلاوة القرآن كما تحيا الأرض الميتة بالغيث والمطر.
روى عن ابن مسعود أنه قال : «لما قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فأصابوا من لين العيش ما أصابوا بعد أن كانوا فى جهد جهيد ، فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه فعوتبوا فنزلت الآية».
وعن ابن عباس أنه قال : «إن الله استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن فقال : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا)» الآية.
الإيضاح
(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) أي أما آن للمؤمنين أن ترق قلوبهم عند سماع القرآن والمواعظ ، فتفهمه وتنقاد له ، وتطيع أوامره ، وتنتهى عن نواهيه؟.