وإنما خصها بالذكر من بين الأجرام السماوية ، وفيها ما هو أكبر منها جرما وأكثر ضوءا ، لأنها عبدت من دون الله فى الجاهلية ، فقد عبدتها حمير وخزاعة ، وأول من سن عبادتها أبو كبشة وكان من أشراف العرب ، وكانت قريش تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أبى كبشة تشبيها له به ، لمخالفته دينهم كما خالفهم أبو كبشة ، وكان من أجداد النبي صلّى الله عليه وسلّم من قبل أمه ، ومن ذلك قول أبى سفيان حين دخوله على هرقل : لقد أمر أمر ابن أبى كبشة.
ومن العرب من كانوا يعظمونها ، ويعتقدون أن لها تأثيرا فى العالم ويتكلمون على المغيبات حين طلوعها.
وهى شعريان إحداهما شامية ، وثانيتهما يمانية وهى المرادة هنا وهى التي كانت تعبد من دون الله.
(١٢) (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) وهى قوم هود عليه السلام ، وعاد الأخرى هى إرم بن سام بن نوح كما قال : «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ. إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ. الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ؟» وقد كانوا من أشد الأمم وأقواهم وأعتاهم على الله ورسوله ، فأهلكهم «بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ. سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً» أي متتابعة.
وقال المبرد : وعاد الأخرى هى ثمود ، وقيل عاد الأخرى من ولد عاد الأولى.
(١٣) (وَثَمُودَ فَما أَبْقى) أي وأهلك ثمود فما أبقى عليهم ، بل أخذهم بذنوبهم أخذ عزيز مقتدر.
ونحو الآية قوله : «فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ».
(١٤) (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى) أي وأهلكنا قوم نوح من قبل عاد وثمود ، وكانوا أظلم من هذين ، لأنهم بدءوا بالظلم ، و «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها» وأطغى منهما وأكثر تجاوزا للحد ، لأنهم سمعوا المواعظ