وتبينه ، لأنها من أخفى المغيبات ، والحديث : القرآن ، سامدون : أي لاهون غافلون من سمد البعير فى سيره إذا رفع رأسه ، فاسجدوا : أي اشكروا على الهداية ، واعبدوا : أي اشتغلوا بالعبادة والطاعة.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر قبل ما جاء فى صحف موسى وإبراهيم ، من أن الإحياء والإماتة بيد الله ، وأنه هو الذي يصرّف أمور العالم خلقا وتدبيرا وملكا ، فيفقر قوما ويغنى آخرين ، وأن أمر المعاد تحت قبضته ، وأن الخلق إذ ذاك يرجعون إليه ، وأن بعض الأمم كذبت رسلها وأنكرت الخالق فأصابها ما أصابها ـ قفى على هذا بالتعجيب من أمر الإنسان ، وأنه كيف يتشكك فى هذا ويجادل فيه منكرا له ، وقد جاء النذير به ، فعليكم أن تصدّقوه وتؤمنوا به قبل أن يحل بكم عذاب يوم عظيم قد أزف ، ولا يقدر على كشفه أحد إلا هو ، فلا تعجبوا من القرآن منكرين ، ولا تضحكوا منه مستهزئين ، وابكوا حزنا على ما فرّطتم فى جنب الله ، وعلى غفلتكم عن مواعظه وحكمه التي فيها سعادتكم فى دنياكم وآخرتكم ، واسجدوا شكرا لبارئ النسم ، الذي أوجدها من العدم ، واعبدوه بكرة وعشيا شكرا على آلائه ، وتقلبكم فى نعمائه.
الإيضاح
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى) أي فبأى نعم ربك عليك أيها الإنسان تمترى وتشك؟
ونحو الآية قوله : «يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ؟» وقوله : «وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً» وقوله : «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ».