فأعلمتهم بأضيافه ، فأقبلوا إليه يهرعون من كل مكان ، فأغلق لوط عليهم الباب ، فجعلوا يعالجونه ليكسروه ، وهو يدافعهم ويمانعهم دون أضيافه ويقول لهم : هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم ، فقالوا له : لقد علمت مالنا فى بناتك من أرب ، وإنك لتعلم ما نريد ، فلما اشتد بينهم الصراع وأبوا إلا الدخول ـ طمس الله أبصارهم فلم يروا شيئا ، وهذا ما عناه سبحانه بقوله :
(فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ) فجعل بعضهم يجول فى بعض ولا يرون شيئا ، ويقولون : أين ضيوفك؟ وقد تقدم تفصيل ذلك فى سورة هود.
(فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) أي فقلنا لهم على ألسنة ملائكتنا : ذوقوا هذا العذاب عذاب طمس الأعين وما بعده بعد أن أنذرتكم على سوء أفعالكم ، وقبيح خلالكم.
ثم بين وقت مجىء العذاب فقال :
(وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ) أي ولقد نزل بهم العذاب وقت البكور وما زال ملحّا عليهم حتى أخمدهم ، وبلغ غايته فى دمارهم وهلاكهم.
ثم حكى ما قيل لهم بعد التصبيح من جهته تعالى تشديدا للعذاب فقال :
(فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) أي فذوقوا جزاء أفعالكم من عذاب عاجل ، وما لزم من إنذاركم من عذاب آجل.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟) هذه الجملة القسمية وردت فى آخر كل قصة من القصص الأربع ، تقريرا لمضمون ما سبق من قوله : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) وتنبيها إلى أن كل قصة منها مستقلة بإيجاب الادّكار ، كافية فى الازدجار ، ولم يحصل بها مع هذا عظة واعتبار.
وقد جاء هذا التكرير فيما سيأتى فى سورة الرحمن من قوله : «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ» وقوله فى سورة المرسلات : «فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ».