ذلك أمر في الحال بأن يتخذ للخزانة مفاتيح بعدد الطلبة ويدفع الى كلّ منهم مفتاح ليأخذ ما يحتاج اليه ولا ينتظر خازنا يعطيه ، ورد الطبق على هذه الصورة فكيف لا أعظّم من هذا حاله.
وكان الرضي ينسب الى الإفراط في عقاب الجاني من أهله وله في ذلك حكايات ، منها أن امرأة علوية شكت اليه زوجها وأنّه يقامر بما يتحصّل له من حرفة يعانيها وأن له أطفالا وهو ذو عيلة وحاجة ، وشهد لها من حضر بالصدق فيما ذكرت فاستحضره الشريف وأمر به فبطح وأمر بضربه فضرب والامرأة تنتظر أن يكفّ والآمر يزيد حتى جاوز ضربه مائة خشبة ، فصاحت الامرأة : وا يتم أولادي كيف تكون صورتنا إذا مات هذا؟ فكلّمها الشريف بكلام فظ فقال : ظننت أنّك تشكينه الى المعلم. وكان الرضي يرشّح الى الخلافة وكان أبو اسحاق الصابي يطمّعه فيها ويزعم أن طالعه كان يدلّ على ذلك ، وله في ذلك شعر أرسله اليه ؛ ووجدت في بعض الكتب ان الرضي كان زيدي المذهب وأنّه كان يرى أنّه أحقّ من قريش بالامامة ، وأظن إنّما نسب الى ذلك لما في أشعاره من هذا كقوله يعني نفسه :
هذا أمير المؤمنين محمد |
|
طابت أرومته وطاب المحتد |
أوما كفاك بأن أمك فاطم |
|
وأباك حيدرة وجدّك أحمد |
وأشعاره مشحونة بذلك ، ومدح القادر بالله فقال في تلك القصيدة :
ما بيننا يوم الفخار تفاوت |
|
أبدا كلانا في المفاخر معرق |
إلاّ الخلافة قدّمتك وإنني |
|
أنا عاطل منها وأنت مطوّق |
فقال له القادر بالله : على رغم أنف الشريف. وأشعاره مشهورة لا معنى للإطالة بالإكثار منها ، ومناقبه غزيرة ، وفضله مذكور.
ولد سنة تسع وخمسين وثلاثمائة وتوفي في الأحد السادس من المحرم سنة ست وأربعمائة ؛ ودفن في داره ؛ ثم نقل الى مشهد الحسين عليهالسلام بكربلاء