ابن أمة؟» فقال زيد : «لا أعرف أحدا أعظم منزلة عند الله من نبي بعثه الله تعالى وهو ابن أمة ؛ اسماعيل بن ابراهيم ، وما يقصرك برجل أبوه رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو ابن علي بن أبي طالب عليهالسلام». فوثب هشام ووثب الشاميون ودعا قهرمانه وقال : «لا يبيتن هذا في عسكري الليلة» فخرج أبو الحسين زيد يقول : «لم يكره قوم قط حر السيوف إلاّ ذلّوا». فحملت كلمته الى هشام فعرف انّه يخرج عليه ؛ ثم قال هشام : «ألستم تزعمون أن أهل هذا البيت قد بادوا؟ ولعمري ما انقرض من مثل هذا خلفهم».
وكان هشام بن عبد الملك قد بعث الى مكة فأخذوا زيدا وداود بن علي بن عبد الله بن عباس ، ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليهالسلام لأنّهم اتهموا أن لخالد القسري عندهم مالا مودعا ، وكان خالد قد زعم ذلك فبعث بهم الى يوسف بن عمر الثقفي بالكوفة فحلفهم إنّه ليس لخالد عندهم مال فحلفوا جميعا فتركهم يوسف (١) فخرجت الشيعة خلف زيد بن علي الى القادسية فردوه وبايعوه ، فمن ثبت معه نسب الى الزيدية ومن تفرّق عنه نسب الى الرافضة. قال أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي : إن زيدا لمّا رجع الى الكوفة أقبلت الشيعة تختلف إليه وغيرهم من المحكمة يبايعونه حتى أحصى ديوانه خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة خاصة سوى أهل المداين والبصرة وواسط والموصل وخراسان والري وجرجان والجزيرة ؛ وأقام بالعراق بضعة عشر شهرا كان منها شهرين بالبصرة والباقي بالكوفة. وخرج سنة احدى وعشرين ومائة فلما خفقت الراية على رأسه قال : «الحمد لله الذي أكمل لي ديني والله إني كنت استحيي من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن أرد عليه الحوض غدا ولم آمر في امته بمعروف ولا أنهي عن منكر». وكان أصحاب زيد لما خرج سألوه : «ما تقول في أبي بكر وعمر؟» فقال : «ما أقول فيهما إلاّ الخير وما سمعت من أهلي فيهما إلاّ الخير». فقالوا :
__________________
(١) أنظر (تاريخ الطبري) ج ٨ ص ٧٦١ و (مقاتل الطالبيين) بترجمة زيد.