الأقربين ليكونوا ردءا له على دعوته وحصنا عن عادية العتاة من قومه ؛ ومن ذلك قول المردة من قوم شعيب عليهالسلام يوم عتوا عن أمره : (وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ) ـ كما حكاه عنهم القرآن الكريم ـ ففي متشج الأواصر مناخ العزة ومرتبض الشوكة ومأوى الهيبة. قال الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام في وصيته لابنه الإمام الحسن عليهالسلام : «أكرم عشيرتك فانهم جناحك الذي به تطير وأصلك الذي اليه تصير ؛ ويدك التي بها تصول ؛ ولا يستغني الرجل عن عشيرته وإن كان ذا مال ، فانه يحتاج الى دفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم ، وهي أعظم الناس حيطة من ورائه وألمهم لشعثه ، وأعظمهم عليه إن نزلت به نازلة أو حلت به مصيبة ، ومن يقبض يده عن عشيرته فانما يقبض عنهم يدا واحدة وتقبض عنه أيد كثيرة».
وفي مشتبك الأنساب سر من أسرار التكوين نوه به القرآن الكريم بقوله عز من قائل : «وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا» ، فما هذا التعارف؟ فهل يريد أنهم يتعارفون فيما بينهم فيعرف كل فرد أنه تجمعه وأفراد القبيلة واشجة نسب فيوجب كل على نفسه النهوض بما عليه من رعاية حقوق العشيرة من التعاضد والمناصرة؟ أو أنه يعرف كل من القبائل القبيلة الأخرى فيرعى النواميس الثابتة بين العشائر ، ويتحامى عن الجور على أي من أفرادها والبخس لحقه بما هما من جزئيات هاتيك النواميس ، او حذار بادرة القبيلة المضامة او المضام فرد منها وفي كل من الوجهين قوام العظمة ؛ واستقرار الأبهة ؛ وجمام النفوس ؛ ولا بأس بأن يراد كل منهما فتكون الآية من جوامع الكلم والقرآن كله جوامع الكلم.
إن في معرفة النسب مندفعا الى مكارم الأخلاق كما أن فيها مزدجرا عن الملكات الرذيلة فمتى عرف الإنسان في أصله شرفا ، وفي عوده صلابة ؛ وفي منبته طيبا ـ ولا أقل من أن يحسب هو في نفسه خطرا باتصال نسبه الى أصل