ذلك وبعده على ابي عبد الله الحسين بن علي البصري ، والفقه ايضا فبرع فيهما حتى أصاب منزلة يصلح أن يعلم ويفقه ويدرس. وكان يستفتى دائما ببغداد في الحوادث فيجيب بخطه أحسن جواب بأجود عبارة إلا أنه اذا تكلم بانت العجمة في كلامه للمنشأ والتربية بطبرستان.
ولما كانت سنة ثماني واربعين وثلثماية راسه معز الدولة في الدخول عليه فأبي ذلك واعتذر بانقطاعه الى العلم. فلم يرض ذلك منه وألح عليه فاشترط أن يدخل عليه بطيلسان فاذن له فلبس الطيلسان فدخل عليه فأكرمه وطرح له مخدة وسأله أن يتقلد النقابة على أهله فأبى ، فما فارقه إلى ان أجاب وخرج من حضرته متقلدا لها فما توفرت على الطالبيين أموالهم وأرزاقهم وبساتينهم كما توفرت عليهم أيام نقابته. وعلت حاله عند معز الدولة حتى أنه باكره يوما وهو نائم فقال له الحجاب : الأمير نائم فاجلس في زبيرتك حتى ينتبه وتدخل عليه. وانتبه الامير ولبس ثيابه واراد الركوب في الماء فوجد أبا عبد الله فقال : من أي وقت انت هاهنا؟ فأعلمه فشتم الحجاب وجرت عليهم منه المكاره وأمر أن لا يحجب عنه أي وقت جاء وعلى أي حال كان ؛ فكان بعد ذلك يجيء والأمير نائم فلا يجرؤ أحد أن يحجبه فيدخل حتى يبلغ موضع منامه ، فاذا عرف ذلك رجع فجلس بعيدا حتى ينتبه فيكون أول داخل.
ومرض معز الدولة فاستدعى ابا عبد الله بن الداعي وسأله أن يقرأ عليه فجاء ومعه جماعة من الطالبيين فقرأوا عليه وأبو عبد الله من بينهم يقرأ ويمسح يده على وجهه ، فلما فرغ من قراءته أخذ معز الدولة يده التي كان يمرها على وجهه وهي اليمنى فقبلها استشفاء بها ، وكان معز الدولة قد أقطعه أقطاعا من السواد بخمسة آلاف درهم في كل سنة ، وكان يتأول في أخذه أنه يحقهم من بيت المال.
وكان أبو عبد الله شبيه الخلقة بأمير المؤمنين عليهالسلام ، كان أسمر رقيق اللون كبير العينين اكحلهما جعد اللحية وافرها واسع الجبهة ربعة من الرجال ، كثير