فقال له الراهب : إنّك لتطلب دينا ما تجد من يحملك عليه ، ولكن قد أحلك (١) زمان نبيّ يخرج من بلدك ، يبعث بدين الحنيفية فلما قال له ذلك ، رجع يريد مكة ، فعادت عليه لخم فقتلوه.
وأما (٢) عبيد الله بن جحش فأقام بمكة حتى بعث النبي صلىاللهعليهوسلم ثم خرج مع من خرج إلى أرض الحبشة فلما صار بها تنصّر وفارق الإسلام ، فكان بها حتى هلك هنالك نصرانيا.
أخبرنا أبو بكر الفرضي ، أنبأنا أبو محمد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأنا أبو الحسن بن معروف أنبأنا (٣) الحارث ، أنبأنا محمد بن سعد (٤) ، أنبأنا عبد الله بن جعفر الرقي ، أنبأنا أبو المليح ، عن عبد الله ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال : أراد أبو طالب المسير إلى الشام فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «أي عمّ إلى من تخلّفني هاهنا؟ فما لي أمّ تكفلني ولا أحد يؤويني» قال : فرق له ثم أردفه خلفه ، فخرج به فنزلوا على صاحب دير. فقال صاحب الدير : ما هذا الغلام منك؟ قال : ابني ، قال : ما هو بابنك ، ولا ينبغي أن يكون له أب حي. قال : ولم؟ قال : لأن وجهه وجه نبي ، وعينه عين نبي. قال : وما النبي؟ قال : الذي يوحى إليه من السماء فينبئ به أهل الأرض.
قال : الله (٥) أجلّ مما تقول. قال : فاتّق عليه اليهود. قال : ثم خرج حتى نزل براهب أيضا صاحب دير فقال : ما هذا الغلام منك؟ قال : ابني ، قال : ما هو ابنك (٦) وما ينبغي أن يكون له أب حي ، قال : ولم ذاك؟ قال : لأن وجهه وجه نبي ، وعينه عين نبي ، قال : سبحان الله ، الله أجلّ مما تقول وقال : يا ابن أخي ألا تسمع ما يقول؟ قال : «أيّ عمّ لا تنكر لله قدره» [٧٧٠].
أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان الرزاز.
__________________
(١) في المختصر : قد أظلك.
(٢) لم يرد هنا ذكر «عبد الله» فقد ورد في بداية الخبر أنه من النفر من قريش.
(٣) بالأصل وخع «بن» والصواب ما أثبت ، عن سند مماثل وقد مرّ كثيرا.
(٤) طبقات ابن سعد ١ / ١٥٣ ومختصر ابن منظور ٢ / ٥٠.
(٥) زيادة عن ابن سعد وخع ، ولم ترد بالأصل.
(٦) في ابن سعد : بابنك.