قسما حقّا (١) لا حانثا فيه ، ولا آثما إن لله دينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه ، ونبيّا قد حان حينه ، وأظلكم زمانه (٢) ، وأدرككم إبانه ، فطوبى لمن آمن به فهداه ، فويل لمن خالفه وعصاه.
ثم قال : تبا لأرباب الغفلة من الأمم الخالية ، والقرون الماضية. يا معشر إياد من (٣) الأب والأجداد؟ من (٤) المريض والعواد؟ وأين الفراعنة الشداد؟ أين من بنا وشيّد؟ وزخرف (٥) وجدّد؟ وغرّه المال والولد؟ أين من طغى وبغى؟ وجمع فأوعى؟
وقال : أنا ربكم الأعلى؟ ألم يكونوا أكثر منكم أموالا؟ وأبعد منكم آمالا؟ وأطول منكم آجالا؟ طحنهم الثرى بكلكله ومزقهم بتطاوله ، فبلت (٦) عظامهم بالية ، وبيوتهم خالية (٧) ، وعمرتها الذياب العادية (٨) ـ وقال أبو صالح : العاوية ـ كلّا ، بل هو الله الواحد المعبود ، ليس بوالد ولا مولود ، ثم أنشأ يقول :
في الذاهبين الأولين |
|
من القرون لنا بصائر |
لما رأيت مواردا |
|
للموت ليس لها مصادر |
ورأيت قومي نحوها |
|
تمضي الأصاغر الأكابر |
لا يرجع الماضي إليّ |
|
ولا من الباقين غابر |
أيقنت أني لا محالة |
|
حيث يصير (٩) القوم صائر |
قال : فجلس (١٠) ، ثم قام (١١) رجل ـ زاد أبو عبد الله : من الأنصار ـ بعده كأنه
__________________
(١) بالأصل وخع : «قيسا جعا» والصواب عن البيهقي والمختصر.
(٢) في البيهقي والمختصر : أوانه.
(٣) كذا بالأصل وخع وفي البيهقي والمختصر : أين الآباء.
(٤) في البيهقي والمختصر : «وأين».
(٥) الأصل وخع ، وفي البيهقي والمختصر : ونجّد.
(٦) في البيهقي والمختصر : فتلك.
(٧) الأصل وخع والبيهقي ، وفي المختصر : خاوية.
(٨) بالأصل : «العالية» وعلى هامشه : العادية وجانبها كلمة صح ، وفي خع «العادية» وهو ما أثبتناه ، وفي البيهقي والمختصر : العاوية.
(٩) في خع : حيث يصبر القوم صابر.
وفي البيهقي والمختصر : «صار».
(١٠) في البيهقي والمختصر : «ثم جلس» وفي خع كالأصل.
(١١) في البيهقي والمختصر : «فقام» وفي خع كالأصل.