وذلّ منه ما صعب ، وحميت الوسادة ، وبردت المزادة ، فإذا الزاد قد هشّ له الفؤاد. بركته (١) فبرك وأذنت له فترك (٢) ، في روضة خضرة نضرة عطرة ، ذات حوذان وقربان وعنقران وعبيثران ـ زاد إسماعيل : نعنع وشيح وقالا ـ وحليّ وأقاح وجثجاث وبرار ، وشقائق وبهار (٣) كأنما قد مات الجو بها مطيرا ، أو باكرها المزن بكورا ، فخلا لها شجر ، وقرارها نهر ، فجعل يرتع أبا ، وأصيد ضبّا ، حتى إذا أكل وأكلت ، ونهلت ونهل ، وعللت وعل (٤) ، وحللت عقاله وعلوت (٥) جلاله وأوسعت مجاله (٦) فاغتنم الحملة ومرّ كالنبلة يسبق الريح ويقطع عرض الفسيح ، حتى أشرف بي على واد وشجر ، من شجر عاد مورقة مونقة ، قد تهدّل أغصانها كأنها بريرها حبّ فلفل ، فدنوت فإذا أنا بقس بن ساعدة في ظل شجرة بيده قضيب من أراك ينكت به الأرض وهو يترنم ويشعر ـ زاد البيهقي وأبو صالح : وهو يقول (٧) :
يا ناعي الموت والملحود في جدث |
|
علمهم من بقايا بزّهم خرق |
دعهم فإن لهم يوما يصاح لهم (٨) |
|
فهم إذا انتبهوا من يومهم فرق (٩) |
حتى يعودوا بحال (١٠) غير حالهم |
|
خلقا جديدا كما من قبله خلق |
__________________
(١) في البيهقي : تركته فترك.
(٢) في البيهقي : فبرك.
(٣) بالأصل وخع والبيهقي : ونهار ، والمثبت عن المختصر ٢ / ٥٦.
والبهار : نبت طيب الريح ينبت أيام الربيع (اللسان ـ بهر).
وحوذان : نبت له ورق وقصب ونور أبيض.
وقربان مجرى الماء في الروض.
عبيثران : نبت طيب الرائحة من نبات البادية.
الشيح : نبات له رائحة طيبة وطعم مرّ.
الجثجاث شجر أصفر مرّ طيب الرائحة.
(٤) عن البيهقي وبالأصل وخع : وعلل.
(٥) بالأصل وخع : «وغلوت خلاله» والصواب عن البيهقي.
(٦) غير واضحة بالأصل وخع والمثبت عن البيهقي والمختصر.
(٧) عبارة البيهقي في الدلائل : «وهو يترنم بشعر وهو».
(٨) كذا بالأصل وخع وفي البيهقي والمختصر : بهم.
(٩) عجزه في البيهقي :
فهم إذا أنبهوا من نومهم فرقوا.
(١٠) في البيهقي والمختصر : «لحال».