حتى كاد (١) أن ينفطر وأقمنا فقام فركبنا واغتفرنا هذه له ، ومكثنا بعد ذلك حينا ثم دعانا ، فقال : هل لكم في غزوة تهب لكم عزّا وتجعل لكم حرزا يكون في أيديكم كنزا.
قلنا : ما أحوجنا إلى ذلك. فقال : فاركبوا ، فركبنا وقلنا : ما تقول؟ قال : بنو الحارث بنو مسلمة ثم قال : قفوا ، فوقفنا ، ثم قال : عليكم بفهم ، ثم قال : ليس لكم فيهم دم ، عليكم بمضر : هم أرباب خيل ونعم ، ثم قال : لا ، رهط دريد بن الصّمّة قليل العدد وفيّ الذمة ، ثم قال : لا ، ولكن عليكم بكعب بن ربيعة. واشكروها (٢) صنيعة عامر بن صعصعة فليكن بهم الوقيعة. قال : فلقيناهم فهزمونا وفضحونا. فرجعنا ، وقلنا : ويلك ما ذا تصنع بنا؟ قال : ما أدري ، كذبني الذي كان يصدقني. اسجنوني في بيتي ثلاثا ثم ائتوني ففعلنا به ذلك ، ثم أتيناه بعد ثالثة ففتحنا عنه ، فإذا هو كأنه جمرة (٣) نار. فقال : يا معشر دوس حرست السماء وخرج خير الأنبياء قلنا : أين؟ قال : بمكة ، وأنا ميت فادفنوني في رأس جبل ، فإني سوف اضطرم نارا. وإن تركتموني كنت عليكم عارا ، فإذا رأيتم اضطرامي وتلهّبي فاقذفوني بثلاثة أحجار ثم قولوا مع كل حجر : باسمك اللهم ، فإني اهدأ وأطفأ. قال : وإنه مات واشتعل نارا ، ففعلنا به ما أمر ، وقد فناه بثلاثة أحجار نقول مع كل حجر : باسمك اللهم ، فخمد وطفئ ، وأقمنا حتى قدم علينا الحاجّ فأخبرونا بمبعثك يا رسول الله.
أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان الرزاز.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون (٤) ، أنبأنا أبو القاسم بن بشران ، أنبأنا أبو علي الصّوّاف ، أنبأنا محمد (٥) بن عثمان بن محمد بن أبي شيبة ، أنبأنا المنجاب بن الحارث ، أنبأنا عبد الرحيم بن سليمان ، أنبأنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن قريشا أتوا امرأة كاهنة فقالوا لها : أخبرينا يا
__________________
(١) عن خع والمصادر ، وفي الأصل «كان».
(٢) في ابن كثير : سيرة والبداية والنهاية : واسكنوها ضيعة.
(٣) في ابن كثير : حجرة نار.
(٤) بالأصل وخع : «جيرون» والصواب ما أثبت ، عن سند مماثل ، وقد مرّ كثيرا.
(٥) بالأصل وخع : «أبو محمد بن عثمان أبو محمد بن أبي شيبة» والصواب ما أثبت عن سند مماثل ، انظر سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢١.